-A +A
عبدالمحسن هلال
نقلت وكالة بلومبيرج الأربعاء الماضي عن مصادر اقتصادية أن صندوق الاستثمارات العامة يدرس شراء حصة من أسهم شركة مدينة الألعاب الأمريكية «سيكس فلاقز»، تجشمت كتابة مقال ضد الفكرة وانتظرت عطلة نهاية الأسبوع لبعثه للنشر. ظللت ليومين أقرأ وأسمع بتعجب لخبراء اقتصاد وأعمال عن الأثر الإيجابي لفكرة الشراء على أصول الصندوق والنسبة الجيدة للأرباح المتوقعة ومدى مسايرة الخطوة للرؤية السعودية العام 2020 وما بعدها، ولما فرغت من تدبيج المقال إذا بالمتحدث باسم الصندوق ينفي الخبر صباح السبت الماضي.

لم يسقط في يدي ولم أفاجأ، بل فرحت بالنفي كفرحة طفل بسلامة هدية والده بعد سقوطها من يده، صندوقنا أكبر من أن يستثمر في مدن ألعاب وترفيه، هذه لعبة مستثمرين صغار، وعوائدها محدودة لا تناسب ضخامة الصناديق السيادية ولا تمثل طموحنا في صندوقنا. لكم أن تتصوروا أن مجرد نشر خبر عن تفكير الصندوق في شراء حصة من شركة الترفيه تلك رفع قيمة أسهمها بحوالى 2%، مما يعطي صندوقنا السيادي أهمية أكبر من الأهمية الكبرى لقيمته المادية، بمعنى قيمة مضافة أو نسبية ناشئة Leverage في أي مشروع استثماري يشارك فيه، ومن المهم حسن استغلال هذا العامل الإضافي وأن يكون له حساب مادي تماما كاسم الشهرة للشركة أو العلامة التجارية الجيدة.


انتظرنا طويلا إنشاء الصندوق، وبرغم أن كثيرا من نظامه الأساسي ولوائحه الداخلية لم تنشر بعد، ولا نعرف عن مدى استقلال وسيادة إدارته، وهي من شروط إنشاء الصناديق السيادية في العالم، إلا أن خطواته حتى الآن تبشر بالخير. التحفظ الوحيد هو النية بالاستثمار في السوق الأمريكية قبل استيضاح موقف الحكومة الأمريكية الحالية من قانون جاستا البغيض، وإذا كان الاستثمار هناك مطلوبا، بالخصوص في المجالات التقنية، ولتدعيم التحالف الإستراتيجي بين البلدين، فإن هذا القانون المريب يجب التأكد أنه لن يكون بالوعة تصادر أموالنا المستثمرة هناك، وقد لا تفيدنا هنا أية ضمانات رسمية أمريكية فالقانون أقوى منها، لذا الأمل العمل على إسقاط هذا القانون قبل ضخ أية استثمارات جديدة هناك.

أما صندوقنا السيادي واستثماراته، فنحن هنا لن نعيد اختراع العجلة، هناك تجارب عالمية ناجحة حولنا وبعيد عنا، ولن أعيد التذكير بالصندوق النرويجي وكيف نجح بتقليل اعتمادها على النفط وكانت حتى عشر سنوات معتمدة عليه كثيرا. الأمل، كل الأمل، أن تكون للصندوق لفتة محلية، ليته يعوضنا غياب المستثمر الوطني لخلق وتأسيس صناعات رائدة داخليا تنوع قاعدتنا الاقتصادية وتساهم في توطين التقنية وتوطين وظائفها، ولمن يحتج بعدم امتلاكنا قوة عمل كافية للبدء، أقول هذا هو الطريق لبداية خلقها وتكوينها وإن مرحليا وبالتدريب على رأس العمل، ولدينا نواة جيدة جاهزة، لو أعطيت الفرصة فستنمو لتغدو نبتة فغرزة فشجرة فخميلة فبستانا، هكذا بدأ من سبقنا وهكذا تنوع اقتصاده.