الجوال يسرق اهتمامات الشباب عن الكتب. (تصوير:‏ فيصل مجرشي)
الجوال يسرق اهتمامات الشباب عن الكتب. (تصوير:‏ فيصل مجرشي)
-A +A
علي الرباعي (الباحة)
AL_AROBAI@

لم يكن المتنبي مغالياً وهو يقرر أن (خير جليسٍ في الزمان كتاب) إذ إنه وسيلة معرفة وتسلية وثراء وتنوير، خصوصاً في مجتمع إسلامي كانت (اقرأ) أول آية نزلت في القرآن الكريم. وعلى نهج المتنبي سار أمير الشعراء عندما قال (أنـا من بدّل بالكتب الصحابـا لم أجـد لي وافياً إلا الكتابـا). وكما قال عباس محمود العقاد فإن القراءة تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد الحياة بالتجارب عمقا. وفي زمن ما قبل الصورة والفضاء المفتوح كان الكتاب وسيلة ترفيه وتعليم وتثقيف، ولا تزال أجيال سعودية تفخر بالاحتفاظ بكتبها الأولى وتدون عليها تاريخ الاقتناء. ويستذكر صالح أحمد الزهراني ارتباطه بمجموعة أصدقاء متيمين بالقراءة، ولقلة ذات اليد يشترون كتاباً واحداً بمساهمة جماعية، ويتداولونه قراءة كل واحد منهم أسبوعاً، ثم يدّخرون مبالغ من مصروفهم المحدود لشراء مجلة أو جريدة وتظل تدور بينهم كأجمل وسيلة للتواصل المعرفي على أن يعقد الجميع حلقة نقاش يتم من خلالها مراجعة كل الأفكار. وعندما جاءت «الميديا» الحديثة بشاشات الفضائيات، وزادت في تمددها عبر مواقع التواصل استرقت الشباب من عالم القراءة واختطفتهم إلى ثقافة الصورة. ويؤكد الكاتب سلطان السلطان أن غالبية الشباب هجروا القراءة المثمرة، وقطعوا كل صلة بها، ومالوا إلى وسائل الإعلام على تباين أشكالها وتعدد أصنافها. لافتاً إلى أن التقنية لها فوائدها من خلال بعض البرامج العلمية والتثقيفية إلا أنهم لم ينظروا إلى هذا الجانب، وإنما استهواهم جانبها الترفيهي والترويحي فقط، مشيراً إلى أن شريحة عريضة من الشباب دون ثقافة تبني شخصيتهم، وأصبحت ترى أجيالاً من الناشئة لا يعرفون كثيراً من الأشياء البديهية ويقعون في أخطاء شنيعة سواء في طريقة نطق الكلمة أو كتابتها أو نسبة معلومة معينة أو كتاب. مؤكداً أن البعض لم يدرك المغزى والهدف من القراءة وأنها الوسيلة المثلى لتغذية ميول الشباب وتنمية قواهم العقلية وتلبية حاجاتهم النفسية. وأضاف أن تحديد الهدف من القراءة يلعب دورا مهما جدا في مستوى الفهم ومستوى الحفظ والتذكير.