-A +A
عبده خال
في فترة سابقة تم ضخ مليارات الريالات (وأظنها 17 مليارا) لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، حينذاك كتبت مقالة بعنوان (موهبة بصل)، متسائلا ماذا حدث لتلك المليارات، وجاء السؤال على هامش الاحتفاليات الشكلية التي تنتهي بشهادات شكر للمعلمين والمعلمات مع إهمال الموهوبين أنفسهم، وكانت تلك المقالة هي الوحيدة التي أثارت جهة عملي (وزارة التعليم) -طوال مدة ممارستي للتعليم، وتم تكليف محقق من مدينة الرياض، لينتهي التحقيق باللوم والتقريع وقرصة الأذن مع توصية: لا تكتب فيما لا يعنيك!.. وهي البصمة السوداء المتفردة في سجلي التعليمي، ولذلك لم أنس سؤالي: أين ذهبت المليارات التي ضخت من أجل إفاقة الموهبة والإبداع؟

وتستطيع جر سلسلة من الأسئلة الشائكة حول جميع الحلقات أو المؤسسات المعنية بمتابعة الموهوبين والمخترعين، ومع تراكم تلك الاستفسارات فلن تخرج بإجابة واحدة تشفي لهفتك عما تسأل عنه..


وأجدني متابعا لما يحدث من تحركات نشطة حول رؤية 2030 مسجلا ملاحظتين جوهريتين لم تتم إعارتهما أي اهتمام لمن يريد التحرك للأمام، وقد كتبت مستغربا أن الأعناق التفت في كل جهة يمكن لها أن تسهم في تنوع الدخل الوطني إلا أمرين وهما: العمالة الوطنية (وقد كتبت عن هذا مقالة سابقة) وثانيهما دعم المخترعين السعوديين، وهاتان الملاحظتان هما أولى بالاهتمام كونهما حاويتين لكل المجهودات المبذولة لاستمرار التنمية المستدامة.

ولأننا نلحظ بأم أعيننا ندرة العمالة الوطنية فالأمر ذاته بالنسبة للمخترعين، وهذان الجانبان أدخلانا في خانة أحوج أو أفقر دول العالم كونهما عنصرين أساسيين لأي نهضة أو تحرك لتغير الحال، والبقاء في فقرنا هذا يؤكد لنا أننا في متاهة لا نعرف مدخلها ومخرجها. وبالأمس خرج علينا خبر ينص على أن مكتب البراءات السعودي منح 5181 براءة اختراع (خلال 28 عاما)، هذا الخبر ذكرني بقصة (موهبة بصل)، هل يعقل أن لدينا هذه الآلاف من الاختراعات ولم نسمع بها أو لم نلحظ أثرها في وجودنا الحياتي.. ولو أن مخترعا واحدا من الخمسة آلاف حصل على براءة اختراع حقيقية لربما قرت عيوننا واطمأنت قلوبنا أننا ننتج عقولا مفكرة.. ولن نكون متشائمين وسوف نبقى في خانة التفاؤل.. لنسأل مرة أخرى (على فكرة لا نملك إلا الأسئلة):

- هل دور مكتب الاختراع يقتصر على البحث في التقنية السابقة، وصياغة طلبات براءة الاختراع وتجاوز طلب الحماية ومتابعة أهمية سداد المقابل المالي الخاص بالمنح؟

- أليس الأهم هو الإسراع في البت في براءة الاختراع بدل أن تظل في المكتب لخمس سنوات تزيد قليلا؟ أوليس هناك دافع للمطالبة بإيجاد مراكز بحثية خاصة أن الاختراعات الممنوحة مرتفعة الأعداد، أم أن هذه البراءات المؤلفة لا تبتعد عن حفلات توزيع الكيك أو الجلوس على المفطحات.

- ثم أليس من أدوار المكتب إيجاد الداعمين الماديين للمخترع السعودي، ثم أين رجال الأعمال من كل هذه المخترعات وتحويلها من أفكار على الورق إلى مخترعات في الواقع؟

سوف أنتقل من التفاؤل إلى سؤال يحاك في الصدر: أين تذهب المليارات التي تسكب من أجل (موهبة بصل).