-A +A
علي العميم
مهّد محمد علي المحمود في مقاله (نحو خطاب إسلامي مستنير) المنشور في 7 يونيو 2012، في الزميلة «الرياض» للتبشير بظهور عدنان إبراهيم بمقدمة تاريخية استعرض فيها ما أسماه «أزمة الخطاب الإسلامي» منذ سنوات تكوينه الأولى إلى شهر يوليو عام 2003، وهو التاريخ الذي أدى فيه صلاة الجمعة في جامع الشورى بفيينا خلف إمامه عدنان إبراهيم، واستمع –كما قال– لأفضل وأروع خطبة سمعها في حياته من إمام جمعة على الإطلاق. خطبة «اجتمع فيها الإمام مالك وأبو حنيفة والبخاري والغزالي مع هيجل ونيتشه وسارتر».

يقصد بالخطاب الإسلامي المصاب بأزمة من يوم ولادته، الفكر الديني الإسلامي في لحظة تكون الإسلام ونشأته الأولى، وسيسمى في كلام تالٍ حروب الجهاد الإسلامي –وهو بصدد التعليل والحكم– بــ«الحروب الخاطفة أو الاستنزافية»، تصغيراً من شأنها، وتعبيراً عن موقف رافض ومدين لها. لنحاول معرفة ما هي الأزمة التي يدعي أن الخطاب الإسلامي أصيب بها منذ لحظة تكونه ونشأته الأولى، وما سببها.


الأزمة هي –كما قال في أول سطر من مقاله– تعاطي العالم الإسلامي لقرون طويلة مع الأشباه والنظائر في نطاق مجاله الحيوي الخاص!

قوله هذا لا يقودنا إلى التعرف إلى طبيعة الأزمة وفحواها، فتعبير الأشباه والنظائر –إن كان استعارة من علم الفقه الإسلامي– لا يعني شيئاً محدداً في هذا السياق. وكذلك هو شأن تعبير المجال الحيوي الذي هو نظرية سياسية حديثة زج بها في العصور القديمة. فالفتح والتوسع الإسلامي من نشأة الإسلام في الحجاز إلى نشأة الدولة العثمانية لم ينشأ وينطلق بدافع من تلك النظرية ولا استناداً إلى مبرراتها المختلفة.

ومع أننا لم نتعرف إلى طبيعة الأزمة وفحواها إلى الآن إلا أنه بالإمكان الوقوف على سببها. فلنمض قدماً في العرض، فلعلنا من خلال الوقوف على السبب والتمعن فيه نلمح في ثناياه الأزمة وقد خلعت عنها قناع (الأشباه والنظائر)، كاشفة عن وجهها الضامر المنهك. السبب يمكن تفريعه إلى سببين: سبب داخلي وسبب خارجي. السبب الداخلي يكمن في حروب الجهاد الإسلامي. فــ«رغم وجود تلك الحروب الخاطفة أو الاستنزافية التي تتزاحم على صفحات التاريخ، لم يكن الصدام ذا بعد حضاري، ولم تكن المواجهة إلا تنافساً على الأرض، على المغنم، على توسيع دوائر النفوذ، وتقوية وسائط الهيمنة والسيطرة والاستحواذ». يستخلص من كلامه هذا، أن حروب الجهاد الإسلامي لم تساعد على الشفاء من أزمته المصاب بها لانتفاء البعد الحضاري فيها، وانحصار غايتها في أغراض ومنافع دنيوية محضة. وسيتضح بعد إكمال العرض، أنه يقصر الحرب ذات البعد الحضاري على حروب الاستعمار الغربي! وغير بعيد أنه يعلو بها وينزهها عن الأغراض والمنافع الدنيوية، فلقد رأينا في تعليله أن الأغراض والمنافع الدنيوية كانت –ضمنياً– مدانة ومشجوبة.

ستجابهنا فقرة -هي الفقرة الثانية من مقاله- سأقفز عليها، لأنها بلحمها وشحمها وعظمها، كررها نصاً في الفقرة السادسة من مقاله مع إضافة سطر واحد وبضع كلمات إليها، سأقفز عليها لأنها اعترضت سبيلي وأنا في الطريق إلى (السبب الخارجي)، فجأة من دون تهيئة أو مقدمات، لذا فإني سأهملها ولن ألتفت إليها، ولأنها تخل بالتسلسل الزمني الذي وضعه في مقدمته التاريخية، فهي تصف أمراً حصل في القرن الثاني الهجري، وسنرى أنه كان يجب أن تتقدم على الفقرة الخامسة التي كانت تصف وضع العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري.

السبب الخارجي للأزمة، هو أن «الحياة –يقصد بالحياة هنا حياة القرون الوسطى– تكاد تكون واحدة، بل ومتطابقة حتى بين الأعداء. ولهذا كانت الثقافة متقاربة ومتشابهة، رغم تباينها في المفردات القانونية، وفي الأدبيات التي تسهم في تلويين معالم السلوك العام». ولأن حياة المسلمين وحياة الأعداء الذين اصطدم وتواجه المسلمون معهم بــ«حروب خاطفة أو استنزافية» متطابقة وثقافتهما متقاربة ومتشابهة، لم يشكل هؤلاء الأعداء تحدياً حقيقياً لخطاب المسلمين «تحدياً يبحث ويحفر في أزمة الخطاب التي بدت واضحة منذ السنوات الأولى للتكوين». وقد ترتب على هذا أن الأعداء لم يكونوا متمايزين ومتميزين على المسلمين –وفقاً إلى ما ذهب– ولم يكونوا أكثر تطوراً في نمط حياتهم وأكثر تقدماً في نمط ثقافتهم منهم، أن الخطاب الإسلامي «لم يواجه أسئلة الإنسان، لأن الإنسان لم يكن قد تكون وجوده على المستوى الثقافي. لم يكن ثمة إنسان -ثقافياً-، لا عند الأنا ولا عند الآخر... ولهذا لم تظهر تأزمات الخطاب، رغم توالي الانكسارات والإحباطات، بل رغم تراكم تراث أزمة التخلف والانحطاط وهيمنته على وعي أمة كانت تبدو وكأنها قد بدأت رحلة الاندثار والفناء». ولعلكم تلحظون معي أنه في الأسطر الأخيرة لم يحافظ على التسلسل الزمني، فلقد خرج عليه ومط تأزمات الخطاب الإسلامي من العصر الإسلامي الوسيط إلى وقتنا الراهن.

يشير المحمود بجمله الأخيرة: أسئلة الإنسان، وأن الإنسان لم يكن قد تكون وجوده على المستوى الثقافي، وأنه لم يكن ثمة إنسان -ثقافياً- عند الأنا وعند الآخر، إلى أن الحضارة الإسلامية لم تشهد تعارضاً وتنازعاً وصراعاً بين النزعة اللاهوتانية والنزعة الإنسانوية، كما حصل في الحضارة الغربية، والذي أفضى إلى أن الإنسان فيها غدا القيمة الأساسية العليا، ومركز الكون ومحوره. فوفقاً للنزعة الإنسانوية، الإنسان لم يعد عنصراً من عناصر الطبيعة، بل هو كينونة وجودية وزمانية ومكانية مستقلة عنها، وهو سيد نفسه، والطبيعة هي الأخرى مستقلة تحكم نفسها بنفسها. بمعنى آخر، أن الحضارة الغربية تحقق لها -بدءاً من عصر النهضة وترسخ ذلك في عصور التنوير- أن تكون حضارة إنسية عقلانية، لا حضارة إلهية ميتافيزيقية. ولأنها كانت كذلك تمخض عنها العلم والعقلانية والصناعة في أعلى مراحلها. وتمخضت عنها الثورات بطابعها الرأسي -لا الأفقي- في العلم وفي الثقافة وفي السياسة وفي الصناعة، والتعددية والتسامح والديموقراطية وحقوق الإنسان.

ولعل في توضيح ما يشير إليه بجمله تلك، ما يدفعنا إلى القول، إنه لربما يرى أن أزمة الخطاب الإسلامي في ما يمكن أن يعبر عنه في أوصاف يقدح ويهجى بها -عادة- العقل والثقافة العربية والإسلامية عند المناوئين والخصوم والكارهين: كالدائرية والتكرارية والأفقية والنكوصية والارتدادية والسلفية بمعناها العام، أي انشداد النظر إلى الماضي وتمحور العقل والفكر حوله، وتهيب القفز إلى المستقبل. وما شاكل هذه الأوصاف وهذه الألفاظ وهذه التعبيرات. وبالمناسبة، هو يشبه أولئك بتعميماته المجازفة وفي إطلاقاته الجارفة في هذا المقال وسواه من مقالاته الأخرى.

حان الآن عرض الفقرة المكررة التي أهملتها لأسباب أبديتها في ما سبق.

تقول الفقرة المكررة: «لا شك أن سيطرة التيارات النقلية التقليدية على معظم مسالك ومسارب تشكيل الخطاب الإسلامي، هي ما يعكس حقيقة هذا التدهور والتردي في الخطاب الإسلامي، خاصة بعد أن تم تجريم وتحقير العقل، بحيث أصبح الإنسان المتعقل موصوماً بالبدعة....».

وحين كررها زاد عليها هذه الكلمات:

«بالبدعة التي تعني في العرف التقليدي أن صاحبها موصوم حتماً بالزيف والضلال، ومن ثم، فهو حري بالنبذ والإقصاء».

يقصد بالتيارات النقلية التقليدية، السلفية بمعناها الخاص. أي الحنبلية وأهل الحديث. ويؤمي هنا إلى ما حصل في القرن الثاني الهجري من معركة شرسة خاضها المعتزلة مع الحنابلة بدعم من بعض الخلفاء العباسيين، ثم تحول الموقف لصالح الحنابلة حين نصرهم الخليفة المتوكل.

يصل في مقدمته التاريخية إلى القرن الثاني عشر الهجري، فيقول: «كان الخطاب الديني الإسلامي (..........) في القرن الثاني عشر الهجري أشد تأزماً وأعمق بؤساً، وأدعى للرثاء مما كان عليه في القرن الثاني الهجري، أي أنه وخلال عشرة قرون كاملة، لم يتقدم الوعي العام للخطاب الإسلامي فيه خطوة (....)، بل كان يبدو وكأنه يتعمد السير إلى الوراء، السير في الاتجاه المعاكس لكل ما يمكن أن يعزز حضور ونماء الإنسان».

جاء اختياره للقرن الثاني عشر الهجري، ليضاهيه بما بلغته أوروبا في هذا القرن، القرن الثاني عشر الهجري/‏القرن الثامن عشر الميلادي والتي كانت أوروبا تعيش وقتها عصر الأنوار.

العرب والمسلمون في مقدمة المحمود التاريخية إلى ما قبل القرن التاسع عشر الميلادي أو إلى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون، لم يعيشوا عصر نهضة تلاه عصر انحطاط، وإنما كانوا يعيشون عصراً واحداً هو عصر انحطاط! وإن كان يلطف هذا التعبير باستخدام كلمة أزمة. وعصر الانحطاط هذا هو عنده يتفاوت ما بين انحطاط أقل وانحطاط أكثر! والعرب والمسلمون منذ لحظة تكون الإسلام ونشأته الأولى إلى لحظة الحملة الفرنسية لم يكونوا يدركون أزمة خطابهم الإسلامي للسبب الأساسي الذي عرضنا له في ما سبق، وهو أن الحياة تكاد تكون واحدة، بل ومتطابقة حتى بين الأعداء، وبالتالي غياب التحدي. لكن مع حملة نابليون اختلف الوضع فــ«لأول مرة واجه العالم الإسلامي حقيقة تخلفه وجهاً لوجه عند اصطدام واقعياً وثقافياً بحملة نابليون، وتبعاً لذلك تكشفت أزمة الخطاب الإسلامي، كما لم تتكشف من قبل....».

وبسبب المؤثر الغربي في الثقافة العربية والإسلامية منذ زمن رفاعة الطهطاوي أو ما يسميه هو «التثاقف الإيجابي مع آخر ما أسهم به الإنسان في ثقافة الإنسان» يترفق في أحكامه على عصر النهضة العربية المحدثة وما تلاه إلى اليوم الذي أمه فيه عدنان إبراهيم في صلاة الجمعة، ويثمن بعض الشيء أعمال واتجاه بعض أعلامه، لكن مشكلة أعمال هؤلاء عنده أنها مطبوعة بالنقص. والكمال كل الكمال عنده في خطاب عدنان إبراهيم، الذي زفه إلينا بوصفه البديل الأمثل الذي توافرت فيه شروط ومزايا، لم تتوافر في علم من أعلام الأولين والمتأخرين في تاريخ العرب والمسلمين قاطبة. حرصت في ما تقدم أن أحصر نفسي في دور العارض والشارح وأن أعلق على بعض ما يقول في أضيق الحدود. ولن أناقش وأرد على توصيفاته وتعليلاته وأحكامه رغم أني أراها كلها قد جانبت الحق والصواب. فتوصيفاته وتعليلاته وأحكامه على القديم وعلى المحدث من الفكر العربي والإسلامي، ينطبق عليها ما قاله مارون عبود عن نفر من الناس -مع بعض التحوير- أن خفة ثقافة وأحكام صاحبها، لو كانت في رجله، لسبق الغزال والأرنب. ولأكشف قدر التخبط في أحكامه، سأقف عند قضية أساسية في مقاله والتي بسببها همش وقزم وتفه التراث العربي الإسلامي، وتراث الثقافات التي استولى العرب -مع الفتح الإسلامي- على بلدانها، وهي القضية التي أسماها بعبارة مغلفة ملتوية: أنه لم يكن ثمة إنسان -ثقافياً- لا عند الأنا ولا عند الآخر قبل الثقافة الغربية.

المثقف المصري حسن حنفي شغل بهذه القضية، وكتب فيها بحثاً عنوانه (لماذا غاب مبحث الإنسان في تراثنا القديم؟) نشره في الأساس في مجلة فكرية، ثم أعاد نشره في كتابه (دراسات إسلامية)، وشارك في ظني فيه في إحدى الندوات التي عقدها مركز دراسات الوحدة العربية عن الديموقراطية وحقوق الإنسان. هذا البحث يعتز ويعتد حسن حنفي به، لأنه كثيراً ما يشير ويحيل إليه في كتبه ودراساته، وهو كثيراً ما يبدي ويعيد في الفكرة التي قام عليها ذلك البحث، ربما لأن غياب مبحث الإنسان في تراثنا القديم يكاد يكون عنده علة أساسية لكل المشكلات في الوطن العربي ما كبر منها وما صغر!

ولإمام كاتبنا محمد علي المحمود، عدنان إبراهيم، خطبة رد فيها على ذلك البحث عنوانها (هل غاب مبحث الإنسان حقاً في تراثنا؟)، رمى فيها حسن حنفي بأكثر من تهمة غير صحيحة بسبب هذا البحث، هذه التهم هي: ادعاء الفكر وادعاء العقل وادعاء الفلسفة وادعاء الدرس العميق! وفي ذات الرد وصف الإسلامي الفهلوي رشدي فكار بالفيلسوف والعالم الكبير!

وفي رده اعتبر عدنان إبراهيم حسن حنفي وأمثاله من العلمانيين المتأثرين بالغرب، أنهم ليسوا سوى مقلدين للمقولات وللفكر الغربي.

إن هذه التناقض الفاضح الذي وقع المحمود به، يجعلنا لا نأخذ مجازفاته الحداثية في التنظير على محمل الجد، سواء أكنا متحررين بتطرف وباعتدال أم كنا ملتزمين دينياً برفق وسماحة أو بشدة وغلظة.

ولتأكيد هذا الأمر سآتي بمثالين من مقاله:

المثال الأول: يرى في مقاله أن أصحاب المشاريع الثقافية الكبرى حققوا شيئاً من الجمع المأمول بين طرفي المعادلة (المعادلة كما في فقرة سابقة من مقاله، هي التمكن من التراث الإسلامي ومن الثقافة الغربية) لكن، ولأنهم بعيدون عن إشكاليات الأسلمة المباشرة، وغير مهتمين بالتواصل المباشر مع الجماهيري الإسلامي، فقد بقي خطابهم نخبوياً من جهة، ومحل ارتياب من جهة أخرى؛ مما أدى إلى فشلهم في إنتاج خطاب إسلامي مستنير. ثم وضع استدراكاً بين قوسين قال فيه: ربما لأنه لم يكن هدفاً أصيلاً في مشاريعهم. بصرف النظر عن عدم دقة توصيفه وتعليله هذا، سأوجه نظر القارئ إلى ما فيه من تخبط وقع فيه، تخبط يتضارب وتقديم نفسه في مقاله بصورة التحرري التغريبي الجذري الذي يرفض المواءمة والتوفيق بين التراث ببعده الديني وبين حداثة عصر النهضة وعصر التنوير في الغرب.

في كلامه السابق يتحدث بوصفه إسلاميا، إسلاميا يريد أن يؤسلم المثقفين العرب العلمانيين وتياراتهم العلمانية المختلفة ويريد أن يؤسلم العلوم الاجتماعية الإنسانية. ولا ننسى أن بين هؤلاء مسيحيين وعلويين ودروزا وإسماعيلية لا يتفق حتى الأخيرون من هؤلاء -من حيث المعتقد والممارسة الدينية- مع (الجماهيري الإسلامي) الذي يتوزع مذهبياً ما بين سنة واثني عشرية.

فأين إيمانه المحموم بالنزعة الإنسانية (أو الهيومانية) التي تقدم الحديث عنها والتي كان من مآتيها الاعتراف بالتعددية سواء أكانت دينية أم طائفة من داخل الدين أم وضعية دنيوية؟!

وفي كلامه السابق أخذ على أولئك المثقفين نخبوية خطابهم مع أن أنموذج خطبة الجمعة عنده في الحكاية المهلهلة التي رواها عن تعرفه إلى اسم عدنان إبراهيم، كانت جداً نخبوية.

ملخص حكايته المهلهلة: أنه في زيارته للنمسا سأل في يوم الجمعة عن الجامع... فأغراه أحدهم بجامع عدنان إبراهيم، أغراه بقوله: ستجده يذكر أحبابك من الفلاسفة والمفكرين الغربيين، ستسمع في الخطبة أسماء كل من: جون لوك وكانت وهيجل وباسكال وفولتير وأرسطو وجون ديوي وماكس فيبر وتوماس هوبز. المثال الثاني: أنه حينما وجد ما أسماه بالعملة النادرة، عدنان إبراهيم، العملة التي لم يجد مثلها في تراث أقدمينا ومتأخرينا ومعاصرينا، قالها بصراحة: «إن انتاج خطاب إسلامي مستنير، يحتاج إلى عالم إسلامي، إلى شيخ دين، إلى رجل دين موثوق، أي إلى رجل يعتلي المنابر ويصلي الجمع بالناس، يخطب في الناس ويفتيهم في دقائق دينهم. رجل كهذا، إذا امتلك ثقافة أصحاب المشاريع أو ما يقاربها، يستطيع الإسهام إسهاماً حقيقياً في صناعة خطاب إسلامي مستنير قادر على الدخول بالمسلمين على عصر ديني جديد».

وإزاء هذا المثال الذي يذكرنا بتهويمات الصادق النيهوم في حديثه عمن سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة، نسأل: أين تحرير الناسوت من اللاهوت؟! وأين الانتصار للنزعة الإنسانوية أمام النزعة اللاهوتانية، وهو يريد من الأولى أن تكون خديمة للأخرى، ويريد من المثقفين أن يكونوا (محدثين) و(مقرئين) مثل إمامه عدنان إبراهيم الذي «يحفظ آلاف الأحاديث النبوية، ويعرف الصحيح منها والمعلول والموضوع، فضلاً عن حفظه القرآن مجوداً، ومعرفته بالقراءات»؟!