-A +A
عبده خال
كل موسم أمطار ولنا ضحايا، ضحايا بشرية ومادية، نتذكر تلك الخسائر مع أول غيمة أو مع أول نحنحة تصدر من الأرصاد محذرة من هطول أمطار (رغم أن توقعاتها مشي حالك مرة تصيب والباقي من عندها)..

هذه الذكريات المأساوية تشارك في صياغتها جميع مدننا العظيمة، وأول استفتاح لهذه المدن في هذا الموسم كانت مدينة أبها التي استيقظت على صفارات الإنذار وكأنها مدينة معزولة لم تدك مداميكها بمليارات الريالات كلفت الدولة عبر سنوات طويلة، وكانت النتيجة أن يتصايح المسؤولون أن البنية التحية لم تستكمل بعد!


هل هذا منطق؟ فكل مدننا تم إرساء أسسها منذ عشرات السنوات، وما صب فيها من أموال يكفي لإرساء البنية التحتية لبحر الظلمات على اتساعه وعمقه... إذن، لا نريد هذه الأعذار، وابحثوا عن السبب الحقيقي خلف عدم استكمال البنية التحتية، فمن المؤكد أن جل المشاريع المقامة -في كل مدينة- لم تكن وفق المقاييس والاشتراطات.. دعونا من هذا، ولنلتفت إلى الجهة المقابلة وهي الإنسان، فللأسف الشديد أن المواطن لدينا لم يتم استكمال بنيته التحتية أيضا، أقول البعض منهم لديه انهيارات متتالية في عدم الفهم والاعتبار، ولولا تلك الانهيارات في الوعي بمخاطر الأمطار وتدفق السيول بكل قوة لما رأينا تلك المناظر المؤسفة التي يذهب ضحية لها الأعداد الكبيرة..

وللحقيقة فإن إدارة الدفاع المدني (طفشت) من تكرار التحذيرات مع كل موسم للأمطار وتوصيتنا بالبقاء في منازلنا، وعدم اختراق السيول، ومع ذلك مازالت البنية التحتية لوعينا لم تؤسس بالشكل الجيد.

والدليل أن بنيتنا التحتية لم تؤسس من خلال مراحل التعليم، فلتنظروا إلى إدارة تعليم عسير التي بلغتها تحذيرات الأرصاد الجوية بأن مطرا غزيرا سوف يجتاح سماء مدينة أبها، ومع ذلك لم يتم تعليق الدراسة (فالتعليم مقطّع بعضه)، ألا تعلم إدارة تعليم أبها أن وصول الطلاب إلى مدارسهم أو كلياتهم هو وصول شكلي فإن بقوا فهم لا يدرسون، وإن تم إفراغ الوصول منهم، فانظر كم من حوادث تنتظر الكثير منهم..

يبدو أن مشكلتنا الحقيقية هي البنية التحتية هذه، فهي معضلتنا في البناء، سواء كان البناء خرسانا أو إنسانا.. وسلامتكم.