-A +A
عزيزة المانع
يقولون: الرياض اليوم بنت الديم

يراقصها المطر، وتميل طربانة


تمد أيدينها، تبغى تضم الغيم

يجاذبها الهوى وتنام باحضانه

أبيات في غاية العذوبة، ترسم صورة رومانسية للرياض عند لقائها بالمطر، هذه الصورة الحالمة للرياض وهي تتمايل طربا باللقيا، كم نود لو أنها عمت كل محافظات المملكة ومدنها، لو أن علاقة العشق الفطرية بين الأرض والماء، ظلت هي التي تحكم حالة المطر فيها، فلا رعب من غرق سيارات وانقلاب قطارات وتعطل حركة.

ولكن مع الأسف، للواقع حكم آخر وقول مختلف، ففي الأيام الماضية، لم يكن لقاء المطر بهيجا ولا مطربا في بعض مناطق المملكة، وإنما كان حالة من الرعب والقلق والألم. فاضت الطرقات وغرقت السيارات وتعطلت حركة السير، بعد أن ارتفع فيها منسوب تجمع الماء بما يهدد بالخطر.

إن العمل على تصريف ماء المطر بطريقة آمنة، هو أقل ما تقدمه الأمانات للمحافظات والمدن التي تولت أمانتها، خاصة أن تصريف ماء المطر ليس من الإنجازات النادرة والمعجزة، فهو ليس صناعة نووية، ولا مشروعا لاقتحام المريخ، وهناك دول كثيرة لا تملك ما نملكه من الثروة، ويسقط عليها سنويا من كميات المطر ما يفوق ما يسقط علينا أضعافا مضاعفة، ومع ذلك، تمكنت من إيجاد شبكات تصريف للمطر تبعد عنها أخطاره بدون حاجة منها إلى إطلاق صافرات إنذار أو أن تعطل سير الحياة.

كثيرون ينسبون الفشل في مشاريع تصريف ماء المطر إلى الفساد، هم يرونه عاملا أساسيا في رداءة تنفيذ مشاريع التصريف والتسبب في حدوث هذه المعاناة.

وقد كان بالإمكان تفادي الفساد، لو أننا أحكمنا الرقابة، وطبقنا عقوبات سريعة مباشرة على المقصرين، فمعاقبة شركة واحدة بصرامة وحزم، كفيلة بأن تلقن بقية الشركات درسا مرعبا يجعلها آخر ما تفكر فيه الركون إلى الغش في عملها.

كم هو مؤلم، أن نقرأ أن أمانة الشرقية، لتحل مشكلة غرق المحافظات، عمدت إلى تصريف مياه المطر المتجمعة بإلقائها في الخليج!!

أي هدر هذا!! كيف يمكن أن نصدق أن بلدا كبلدنا يعاني من الجفاف ويشرب من ماء البحر، يمكن أن يلقي بماء المطر في الخليج؟!

أليس من الأجدى إنشاء مزيد من الخزانات الضخمة يصرف إليها ماء المطر للانتفاع به، بدلا من رميه في البحر؟ إن ما يسقط علينا من المطر نعمة من الله، من الأولى بنا أن نفرح بها، وأن نحمد الله عليها وأن نحفظها فلا نضيعها، فبلادنا دائما ظمأى، في شوق إلى قطرة ماء.