-A +A
حمود أبو طالب
ربما كان تعيين الأستاذة نورة الفايز نائبا لوزير التربية والتعليم في 2009 هو أول قرار في تاريخ المملكة يدفع بسيدة سعودية إلى منصب كبير ومهم، تلاه قرار تاريخي آخر في عام 2013 بتخصيص 20 % من مقاعد مجلس الشورى للسيدات وتعيين 30 سيدة في تلك الدورة. كان القرار الأول في منتهى الشجاعة والمسؤولية تجاه المرأة السعودية المؤهلة القادرة على المشاركة في إدارة شؤون الوطن من موقع تنفيذي مهم، ولم يكن القرار الثاني أقل شجاعة منه ووفاءً بالمسؤولية تجاهها عندما وضعها في مجلس المشورة الوطنية الذي تنبثق منه أفكار الأنظمة والقوانين والتشريعات في مختلف المجالات.

هذان القراران التاريخيان كانا صدمة عنيفة غير متوقعة للخطاب الذي يدعو ويصر ويحرض على تقييد المرأة في دائرة ضيقة جداً من مجالات العمل والمشاركة الوطنية، ويصورها بأنها ضعيفة هشة لا يحسن تكليفها بمسؤوليات امتلكها الذكور بشكل حصري. لذلك كان الهجوم قاسيا وعنيفا على تلك الخطوتين الفارقتين في التاريخ الاجتماعي السعودي، لكن الخطوات تتابعت وإن كانت ببطء، أو لم تصل إلى مستوى أهمية تلك الخطوتين، رغم التكاثر السريع لعدد الكفاءات النسوية المتميزة في مجالات وتخصصات عديدة، من حاملات الشهادات العليا والخبرات المتميزة.


ولكن مع توجسنا من احتمال التراجع في هذا المسار أثبتت لنا الدولة أنها ماضية فيه، عندما صدر قرار مجلس الوزراء في ٦ فبراير الحالي بتعيين السيدة سارة السحيمي عضواً في مجلس إدارة السوق المالية، لينتخبها المجلس رئيسا له بعد عشرة أيام من تعيينها. في اعتقادي أن هذا المنصب لا يقل أهمية عن منصب وزير إن لم يكن أهم، فالسيدة سارة التي تخصصت في المحاسبة وتعلمت الإدارة العامة في جامعة هارفارد ستكون مسؤولة عن السوق الأهم في منطقة الشرق الأوسط من حيث القيمة السوقية، ورقم ٢١ على مستوى الأسواق العالمية بحسب تصنيف الاتحاد العالمي للبورصات، حيث يتم تداول ما قيمته 8.5 مليار ريال يوميا، وقرابة تريليوني ريال سنويا، قابلة للزيادة عند إدراج شركات جديدة قريبا. قبل أيام نشرت الصحف خبراً عن اكتشاف مهم في علم الجينات أنجزه فريق الدكتورة خولة الكريع بمركز أبحاث مستشفى الملك فيصل التخصصي، وفي ذات الفترة كنت أتابع أخبار تطبيقات جديدة في الطب والصيدلة لعلم النانو تكنولوجي أنجزتها الدكتورة غادة المطيري في مركز أبحاث جامعة كاليفورنيا حيث تعمل. وهناك الكثير من المبدعات المتميزات البارزات في مختلف المجالات العلمية والنظرية اللاتي لا تتسع المساحة لحصرهن، نتمنى أن نراهن في المواقع اللائقة بهن، وإلا ما فائدة أن تتعلم الفتاة السعودية، وما قيمة تميزها إذا لم نقدره حق التقدير.