-A +A
حمود أبو طالب
يقول رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) إن الهيئة رفعت طلبا للمقام السامي لمنحها صلاحيات جديدة تمكنها من تأدية عملها في مكافحة الفساد بالشكل المأمول منها، وأن الطلب قيد الدراسة والاهتمام وسيتم الإعلان عن هذه الصلاحيات في حال استكمال دراستها، لكنه رفض الإفصاح عن تفاصيلها، مكتفيا بالتأكيد على الاهتمام بها في الوقت الحاضر من المقام السامي، بحسب ما نشرت صحيفة الوطن يوم أمس. ويأتي هذا التصريح على هامش مؤتمر نزاهة الدولي الثاني الذي عقد مؤخرا، وشارك فيه عدد كبير من الخبراء في مختلف المجالات والتخصصات المتعلقة بجوانب مكافحة الفساد.

والحقيقة أن هيئة مكافحة الفساد تتلقى منذ إنشائها إلى الآن نقدا متواصلا بسبب الفجوة القائمة بين ما كان يتوقعه الناس منها، ومحصلة أدائها التي لم تحقق نتائج معقولة في مكافحة الفساد وضبط أسبابه والحد من انتشاره. ويأتي هذا النقد بسبب كثير من مظاهر الفساد المكشوفة في مجالات مختلفة، والتي لا تواجهها الهيئة بما يتوافق مع خطورتها وضررها من ردع وحسم، بل إن البعض يعتقد أن أداء الهيئة بهذا الشكل ساهم في زيادة ممارسات الفساد لأن الذين يقترفونها اطمأنوا إلى أن الهيئة محدودة الصلاحيات، وبالتالي فهم في مأمن من العقوبة، وحتى لو كان هذا الاحتمال صحيحا فإنه من الإجحاف إلقاء اللوم على الهيئة دون النظر إلى نظامها الذي يمثل السبب الأساسي لضعفها وقلة حيلتها.


أي هيئة أو جهاز حكومي لا بد أن يكون في النهاية محكوما بالأنظمة التي تقنن طبيعة عمله، ولا يمكنه تجاوزها باجتهادات خارج النظام، لذلك إذا أردنا فعلا محاصرة غول الفساد الذي ينهش مقدرات الوطن فلا بد من وضع الأنظمة التي تتيح لهيئة مكافحة الفساد وغيرها من الجهات الرقابية صلاحيات حقيقية وجادة تكفل تحقيقها لنتائج ملموسة، أما عندما نريد مواجهة مشكلة خطيرة ثم ننشئ لأجل ذلك جهازا حكوميا بصلاحيات محدودة وثانوية فإننا في الحقيقة لا نفعل شيئا ذا نفع وفائدة.

إذا أردنا مكافحة الفساد فلا بد من وجود أنظمة لها أنياب حادة ومخالب فولاذية لا تخاف المواجهة ولا تستثني جهة أو أحدا، وبدون أنظمة كهذه يكون الأنسب تسمية الهيئة بهيئة التعايش مع الفساد وليس مكافحته.

habutalib@hotmail.com