-A +A
مصطفى مطر*
من شهقة الماء في الصلصال أنبثق

به وثقت؛ وبالصلصال لا أثق


وكلما ارتد رجع منه روعني

بقوله: «ربما يوماً سنفترق»

غمامة في الجفاف المحض كنتُ إذا

توالد الطين في جنبيّ أختنق

للعشق قبلة روح كلما حزنت

صلّت؛ فسلم في محرابها القلق

للورد من بسمات القطر ضوع شذى

يفترّ عنه إذا ما همهم العبق

يا توأم الطين موت الطهر قافية

شريط عمرك فيها اليوم يحترق

قم حرر الروح جنحي ومضة خفقت

وقل لمن تبعوا آثارها «انطلقوا»

يا آية الله يا إعجاز صنعته

يا سره المتجلي؛ حين تأتلق

ناموسه السببي انصب فيك فهل

لغيره بعد ما سوّاك تعتنق؟

في برعم الورد ذكرى الماء كامنة

من يرجع الآن ذكراك التي سرقوا؟

يا ابن الأسارى لصوت جاحد وصدى

ما صاح: «أرتاح» إلا اغتاله النزق

يا ممسكا بتلابيب الحريق؛ عسى

يغسل الثلج من بالحسرة احترقوا

ممزقين مشينا في الدروب خطى

ضلت؛ متى يهتدي فيها لنا العلق؟

توائما بضلالات السطور عدت

ضلالنا كحروف تلّها الورق

كنا انعكاس يقين قيدوه عسى

تحت ارتعاشة نصل الشك ينعتق

يا إخوة الأمس في جب الغياب لنا

إجابة -عن سؤال الروح- تنفتق

للماء شبه قميص قُدّ من سجم

به ترد عيون الخلق لو صدقوا

لو يعلم الناس أن الدمع من لغة

فوق المجاز النحاسي الذي اختلقوا

لو يعلمون بأن الحب معبرهم

وأنهم بمسارات الهوى اندفقوا

ساروا على صفحات الماء في ثقة

وفجروا الصخر أنهارا إذا عشقوا

لو يعلمون لجابوها ملائكة

وامتدت الأرض؛ وانشقت لهم طرق

لأوقدوا الشمس من مشكاتهم ومضوا

يهللون بأشواق لمن لحقوا

__________

* شاعر سوري