-A +A
نجيب عصام يماني
لا أعلم على أيّ بند من بنوده اعتمد اتحاد الكُتّاب العرب في قبول طلب الأندية الأدبية السعودية في عضويته، كما لا أظن أنّ هناك أيّ مسوغ قانوني يتيح للأندية الأدبية الإقدام على مثل هذا الطلب، المتجاوز لتراتيبة العلاقة بينها وبين الجهات المسؤولة عن الفعل الثقافي في وطننا، فضلاً عن كونها بهذا المسلك اختصرت مفهوم الأدباء والكتّاب في الأشخاص المنضوين تحت عضويتها.. وقطعًا ستظل الساحة بانتظار رد فعل وزارة الثقافة والإعلام جراء هذه الخطوة، وهو انتظار زاد من «توتر احتمالاته» تصريح الناطق الرسمي للوزارة الأستاذ هاني الغفيلي، الذي أشار لهذه الصحيفة بأنه «حتى الآن لم يتم أي شيء رسمي بهذا الخصوص».. في الوقت الذي ذهب فيه «مصدر إداري في وزارة الثقافة والإعلام» -على حد ما ذكرت الصحيفة- إلى التقليل من هذه الخطوة بالإشارة إلى أن «الإعلان عن انضمام الأندية الأدبية لاتحاد الكتاب لا يعني اكتساب العضوية كون الأندية لا تمثل الوزارة بل الوزارة تمثل الأندية، ورؤساء الأندية غير مخولين قانونيًا لطلب ونيل العضوية».. مستدركًا بالإشارة إلى أن «حضور عدد من رؤساء الأندية اجتماع الاتحاد جاء بناء على موافقة الوزارة على الحضور فقط دون أن يترتب على ذلك اتخاذ أي موقف أو قرار أو تبني سياسة ما، مؤملا أن تتمكن الأندية من اكتساب العضوية بعد الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر شعبان القادم».

ومهما يكن الأمر، وإلى حين ذلك؛ فإن الوجه الإيجابي الوحيد لهذه الخطوة الجريئة من قبل وفد الأندية الأدبية يتمثل في أنها أعادت إلى الواجهة موضوع إنشاء اتحاد الكُتّاب والأدباء السعوديين، حيث ظل هذه البند يطرح في كل المناسبات الثقافية والأدبية التي يأتم ويتنادى إليها الأدباء والمثقفون من كل مناطق المملكة، وظلت توصيات مؤتمر الأدباء السعوديين في دوراته السابقة حريصة على جعل هذا المطلب في صدارة توصياته، فعلى مدى أكثر من (80 عاما) ظل الأدباء والمثقفون في المملكة ينادون بتأسيس رابطة تجمع شتاتهم وتوحد جهودهم. ولئن كان هذا المطلب ضروريًا في السابق، فإنّه اليوم ملحّ بأقصى ما يكون الإلحاح، فالمملكة العربية السعودية اليوم أصبحت مركزًا ثقافيًا مهمًا، بأكثر مما كانت عليه في السابق، ودالة ذلك أن المملكة من بين كافة دول العالم العربي تشهد فعاليات أدبية وثقافية وفكرية ومهرجانات تعدت في حضورها المستوى المحلي والعربي والإقليمي إلى العالمي، بما يطرح في هذه المؤتمرات والمهرجانات والفعاليات من قضايا كونية بمعنى ما تحمله هذه الكلمة من معنى، بما يستوجب أن يكون هناك جسم نقابي، ومؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني يكون لها صوتها المسموع مع نظيراتها في المحيطين الإقليمي والعربي، فضلاً عن العالمي..


وينضاف إلى ذلك أيضًا أن المنتج الثقافي السعودي يمكن القول إنه اكتسب من الأصالة ما يجعله صوتًا متفردًا دالاً على بيئتها الحاضنة لها والمكونة لمفرداته، ولم يعد صدى لثقافات الآخر، وتقليدًا لإبداعهم، الأمر الذي يحتم أيضًا أن يحمل هذا الصوت النابت في محضن الأصالة والتطوير على أكتاف جهة تملك من الحضور المائز والمؤثر في المحافل النظيرة التي تهتم بالأدب في وطننا العربي الكبير، فإنّه من المحزن حقًا أن تجيء كل الدول العربية باتحادات كتّابها إلى الاجتماع السنوي، وتنتظر السعودية «التفضل» عليها بقبول عضوية لأنديتها الأدبية، وهو مقعد قلق لجسم لا يحمل سمات الجالسين على المقاعد الأخرى.. ولهذا سيظل السؤال يرنّ بإلحاح في وجه المسؤولين عن الثقافة والأدب في بلادنا: ما الذي يمنع أو يعطّل إنشاء رابطة أو اتحاد للكُتّاب السعوديين؟

نعم؛ ستكون التجربة في بداياتها معرضة لكثير من أوصاب ومساقط الزلل التي تتبع أي عمل في نشوء تكوّنه، وستكون الهواجس كبيرة من الإقدام على هذه الخطوة إذا ما أخذنا في الاعتبار تجربة الانتخابات في الأندية الأدبية وما صاحبها من تجارب سلبية ما زالت تعاني منها التجربة، كل هذا وغيره من الهواجس، مقدور عليها باستمرار التجربة، وتصحيح الأخطاء في كل دورة، فهذا هو المسلك الوحيد الذي يؤدي إلى الغاية من نضج التجارب، وتحقيق كل احتمالات النجاح لها، أما بغير ذلك فلن يكون بمقدورنا التقدم خطوة نحو الأمام إن لم نحتمل تبعات السقوط المتعاقب، والتحامل عليها بالتصميم والعزيمة على المضي في الطريق..

إن على الأدباء والمثقفين أن يستثمروا خطوة الأندية الأدبية بقبول عضويتها في اتحاد الكتاب العرب، بالسعي حثيثًا نحو تشكيل رابطة للأدباء أو اتحادًا للكتاب السعوديين، لتكون الخطوة من ثمّ تعديل مسمى الانتماء في اتحاد الكتاب العرب، من الأندية الأدبية السعودية، إلى رابطة أو اتحاد الكتاب السعوديين.

nyamanie@hotmail.Com

* كاتب سعودي