-A +A
عبدالله صادق دحلان
من حق الجيل الجديد في القرن الجديد أن يفخر بمستوى التعليم العام والجامعي في دول الخليج بصفة عامة وفي المملكة العربية السعودية بصفة خاصة، ورغم كل الانتقادات الموجهة للتعليم والمؤسسات التعليمية إلا أن الحقيقة تؤكد على أرض الواقع أن هناك تطورا في كمّ ونوع ومستوى التعليم بنوعيه العام والجامعي، ومن المؤكد أن المنتقدين تطلعاتهم كبيرة وطموحهم أكبر وأنا شخصيا معهم، ومن يراجع تاريخ التعليم الجامعي في المملكة يتعرف على بدايته في عام 1957م بإنشاء جامعة الملك سعود بكلية واحدة وهي كلية الآداب ثم تم إنشاء جامعة الملك عبد العزيز في عام 1967م بعدد طلاب قرابة مئة طالب وبكلية واحدة هي كلية الاقتصاد والإدارة وقد كنت ضمن أوائل الدفعات في هذه الجامعة.

ثم تطورت أعداد الجامعات السعودية حتى وصلت إلى (28) جامعة حكومية ووصل عدد الجامعات الأهلية السعودية إلى 10 جامعات ووصل عدد الكليات الجامعية الأهلية إلى 41 كلية جامعية، ووصل عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية إلى نحو أربعة وستين ألف عضو هيئة تدريس نحو النصف منهم سعوديون.


وفي دول مجلس التعاون الخليجي تنفق دول المجلس نحو (150) مليار دولار على التعليم وسط نمو طلابي مقداره نحو 2 % سنويا ويتوقع أن يصل عدد الطلاب في دول مجلس التعاون في (2020م) نحو 11مليون طالب، تستحوذ المملكة على نسبة 75% منهم.

وتتوقع الدراسات أن دول الخليج بحاجة إلى نحو 165.000 معلم إضافي في عام (2020م) وعليها الاستعداد لبناء كوادر التدريس من الآن من خلال الجامعات القائمة لسد العجز المتوقع.

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها القائمون على التعليم ورغم تطلعات خطة الرؤيا المستقبلية، إلا أنها من وجهة نظري الشخصية ستظل آمالا وطموحات ما لم تعالج معوقات التعليم الجامعي وعلى وجه الخصوص معوقات التعليم الجامعي الأهلي وهو أحد القطاعات المستهدفة للنمو والتطوير، ورغم التطلعات الرسمية في الرؤية الجديدة لنمو قطاع التعليم الأهلي العام والجامعي، إلا أنني أشعر أن المعوقات التي يعلم بها المسؤولون عن التعليم والتي هي الآن في عهدة القائمين على الاستثمار هي معوقات قديمة ومكررة لم ننجح في معالجتها، ولكنها في الحقيقة تحتاج إلى قرارات حاسمة من مجلس الوزراء، ولقد علمت مؤخرا أن جميع هذه المعوقات تم تشخيصها وسوف يعلن عن حلولها وتجاوزها قريبا، إلا أنني أشعر بإحباط أمام تنفيذ هذه الحلول من قبل المعنيين بها في بعض الأجهزة الحكومية وعلى وجه الخصوص الأمانات ومنها أمانة مدينة جدة التي يعاني المستثمرون في قطاع التعليم الأهلي معاناة ساهمت في تأخر نمو هذا القطاع بسبب الإجراءات واللوائح والتنظيمات التي تعتبر أكبر عائق لنمو هذا القطاع في محافظة جدة، حتى بعد صدور قرار مجلس الوزراء الخاص بتأجير الجامعات والكليات الجامعية أراض حكومية بأسعار رمزية لمدة عمل هذه المؤسسات التعليمية، إلا أن بعض الأمناء في الأمانة يرفضون تطبيق هذا القرار بحجة أنه قرار لم يفعّل ولا ينطبق على أراضي الأمانات ولكن ينطبق على أراضي أملاك الدولة - وكأننا في دولتين مختلفتين - وتأخذ بعض الأمانات وعلى رأسها أمانة محافظة جدة تعهدا مكتوبا في عقود الإيجار للمؤسسات التعليمية بعدم المطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء حتى تحولت الأمانة خصما للمستثمرين تتصيّد الأخطاء لفرض أشد العقوبات ومنها توقيف النشاط بدلا من تقويم الخطأ وإصلاحه لضمان الاستمرار ونجاح المشاريع.

الحقيقة وللأسف لم نر حلولا جديدة بخصوص معوقات الاستثمار في التعليم من الامانة، وإنما المؤلم أنه لا حياة لمن تنادي حتى كثرت القضايا المرفوعة من المواطنين المستثمرين في أراضي الأمانة لدى الجهات القضائية وحصل البعض على أحكام ضد الأمانة، في الوقت الذي ينبغي أن تكون الأمانات أكبر داعم للمشاريع التنموية وشريكا لأصحابها لا خصما في المحاكم والأجهزة الحكومية الأخرى.

إن ما يدفعني اليوم لهذا الطرح هو الحماس الكبير الذي أراه في معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى لتطوير ونمو التعليم الأهلي وإزالة المعوقات وتشجيع المستثمرين السعوديين للدخول في مجال التعليم الجامعي الأهلي، وأكبر دليل على ذلك حضوره شخصيا لمؤتمر ومعرض الخليج للجامعات الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة جدة في رحاب إحدى الجامعات الأهلية السعودية بجدة.

* كاتب اقتصادي سعودي