-A +A
محمد أحمد الحساني
مواطنان سعوديان -رجل وزوجه- موجودان في أمريكا ذهبا إلى دار سينما وتركا طفلتهما البالغة من العمر ثمانية شهور في سيارتهما، وأخذا معهما طفلهما البالغ من العمر أربعة أعوام، فلما خرجا من السينما وعادا إلى السيارة وجدا رجال البوليس في انتظارهما، ومعهم تهمة موجهة لوالدي الطفلة بإهمالها وتعريض حياتها للخطر، ودعاهما البوليس إلى مراجعة المحكمة للنظر فيما ارتكباه من مخالفة خطيرة، وأعجب ما في هذه القصة الإخبارية التي نشرت تفاصيلها في صحيفة البلاد قبل عدة أيام أن والدي الطفلة بررا فعلتهما بأن ترك الأطفال في السيارات لبرهة من الزمن أمر معتاد في المملكة، وهو في حقيقة الأمر عذر أقبح من ذنب ويقدم صورة غير حسنة عن طرق تعامل السعوديين مع أطفالهم ودرجة الإهمال والقسوة التي يُعاملون بها حتى أصبح تركهم وحيدين في السيارة أمراً معتاداً، مع العلم أن النظامين المروري والقضائي في بلادنا يعاقبان على مثل هذا الإهمال، وكون بعض المهملين قساة القلوب قد اعتادوا على ترك أطفالهم في سياراتهم لساعة أو أقل أو أكثر لا يعني أن عملهم ذاك غير خطير وغير إنساني، لاسيما أن حوادث اختناق ووفاة سبق أن حصلت لأطفال تركوا أو نُسوا في سيارات من قبل ذويهم أو من قبل السائق، بل إن شباناً يافعين مكثوا في سياراتهم يتبادلون أطراف الحديث، فتسرب غاز أول أكسيد الكربون إلى رئاتهم فأغمي عليهم حتى فارقوا الحياة حسب ما نشر عن تلك الحوادث المؤلمة.

لقد أساء ذانك المواطنان السعوديان إلى طفلتهما بتركها في السيارة، فإن كانت السيارة في وضع تشغيل فإن رحمة الله قد أدركتها فلم يتسرب إليها ويقتلها غاز أول أكسيد الكربون وإن كانت السيارة مطفأة، فإن انخفاض درجة الحرارة خلال فصل الشتاء كان كفيلاً بقتلها لولا لطف الله عز وجل بها، وأساءا إلى وطنهما عندما حاولا تبرير إهمالهما وقسوتهما بأنها أمر معتاد في وطنهما، ورسما صورة لمدى الاستهتار وعدم المبالاة بحياة طفلة بريئة، وهي صورة سينال ضررها كل مواطن سعودي مادام أن ذلك المهمل القاسي القلب قد برر فعلته بأنها أمر معتاد في وطنه وأنه مجرد فرد من شعب ذوي قلوب قاسية هي كالحجارة أو أشد قسوة، وهل سيلام البوليس الأمريكي لو أنه قد وقر في نفسه مثل هذه الصورة مادام أن شاهدا من أهلها قد شهد على وطنه وشعبه بذلك.. والله المستعان!