-A +A
عبدالرحمن اللاحم
مع بداية عمليات تنظيم القاعدة في السعودية عام ٢٠٠٣ كان موقف القيادات الإسلاموية مضطربا ولم يبدوا موقفا حازما تجاه العمليات الإرهابية، بل كان معظم من قام ببواكير العمليات الإرهابية في الرياض؛ منتمين إلى المحاضن التربوية التابعة لتيارات ما يسمى بالصحوة، وحاولت القيادات الإسلاموية توظيف واستغلال العمليات الإرهابية من أجل خدمة أجندتها وبرامجها وأهدافها للسيطرة على مفاصل الدولة وفرض نظامها السياسي بالقوة ولازلنا نتذكر مداخلة أحد أقطاب التيار السروري في قناة الجزيرة بعد إحدى العمليات الإرهابية في الرياض في تلك الفترة، والتي طرح فيها شروطا لمعالجة ظاهرة الإرهاب منها العفو عن (كل) المساجين الموقوفين على ذمم قضايا إرهابية وإعادة الأئمة والخطباء المفصولين إلى مساجدهم، وإلغاء الاتفاقات والأنظمة التي أسماها «وضعية» وشروط أخرى ساقها وكأنه يمثل الجناح السياسي لتنظيم القاعدة والرسالة واضحة مفادها: إما أن تطبقوا برنامجنا السياسي أو يستمر الإرهاب، إما نحن أو هم، هذه كانت المعادلة بكل بساطة التي كانوا يريدون إيصالها للدولة منتظرين بكل غباء أن ترضخ الدولة لابتزازهم وتخضع لمطالبهم، إلا أن الدولة واجهت جناحهم المسلح بكل قوة واستطاعت أن تقضي عليه وتفكك خلاياه وتشردهم في الأرض وبعد ذلك ومع التكتل الشعبي مع الدولة في مواجهة قطعان الإرهاب، بدأنا نسمع الشجب والتنديد والإدانة وقلبوا ظهر المجن على رفاق الأمس إلا أن ذات النغمة نسمعها اليوم تعود من ذات التيار الذي لا يريد أن يتعلم من أخطائه، بل يصر بكل حماقة أن يُلدغ من ذات الجحر مرات ومرات فنسمعهم اليوم يخرجون طرف السكين في هجومهم المنظم على برامج هيئة الترفيه بأن تلك المناشط الفنية ستعيد إحياء خلايا القاعدة وأنها (تستفز) المسلمين في هذه البلاد، ومعلوم أن الاستفزاز قد يؤدي إلى العنف وهو تكرار لذات القاعدة التي استخدموها في السابق (افعل وإلا..) في عملية ابتزاز رخيصة هدفها تعطيل برامج الدولة ووضع العصي في الدواليب لأنهم يقتاتون على الفشل الحكومي والتعثر لخلق حالة التذمر والسخط الشعبي الذي يجيدون استغلاله لتهييج الشارع وتسخينه، لذا فإن مواجهتهم بصرامة وقوة أمر في غاية الأهمية لمواصلة البرامج التنموية للدولة، لأنهم يشكلون صخورا على قارعة الطريق ولا يمكن أن تشق طريقا دون أن تزيح تلك الصخور وتبعدها، فهم يشكلون عائقا من عوائق التنمية كما كان أسلافهم لولا أن الدولة واجهتهم بسلطة القانون ونفذت برامجها على رغم صياحهم وعويلهم، وسوف يستمر صياحهم وضجيجهم لأنهم لم يتعودوا أن يخرج المجتمع من تحت سلطتهم وسطوتهم، إنه بكاء على اللبن المسكوب وأطلال مجد كان صرحا من خيال فهوى.