-A +A
مي خالد
ليلة السبت الماضي كانت اليمن وفلسطين في حرب ضروس. وحين يقول أحدهم إن الحرب ضروس فهو يشير إلى أنها حرب عضّت كل شيء، ضروس عضّت أصابع الأيدي وأصابع الأقدام أيضًا وعضّت الشَّعر والعيون. إنها حرب قذرة، لا. لا أقصد حروب القنابل العنقودية والكلاشنكوف. بل أقصد حرب الكاسيت، أوه! من يقول «كاسيت» الآن؟ لقد انقرض الكاسيت وانتهى زمانه منذ عقدين. ولفت أشرطته المتشابكة المتطايرة كشخبطة على أغصان العرب من المحيط إلى الجحيم. وخلّفت وراءها برامج المواهب التي تقوم بجباية الأموال باسم الأقطار العربية. أموال تصل إلى ملايين الدولارات كما تذكر الإحصاءات غير المعلنة.

تخيل أن رئيس بلد محتل وطنه تحت الحصار والتجويع بدلا من جمع الأصوات لإيقاف مشروع الاستيطان الإسرائيلي يجمع الأصوات لمتسابق فلسطيني. ويساهم في جعل المواطن الفلسطيني يصوّت بأمواله في البرنامج!


تذكرت جوعي في بعض الأيام الدراسية لأني كنت أدفع مصروفي كاملا «ثلاثة ريالات سعودية» كتبرع للقضية الفلسطينية حين كان اسم أبطال فلسطين: أطفال الحجارة وليس أبطالها المطرب الجديد والمغني الموهوب.

حين لم يستطع السياسي أن يحقق إنجازا على أرض الواقع سعى لخلق فائز ما في لعبة إعلامية مدفوعة التكاليف.

إنه «بلف» إعلامي لأي بلد يخوض حربا. مرة الفائز سوري ومرة فلسطيني ومرة يبكي المتسابق اليمني منهارا ليقول أوقفوا الحرب وصوتوا لي!

لو كانت هذه البرامج ترعى المواهب بحق لكانت مجانية. ولو كانت تراعي النزاهة بحق لفاز في كل البرامج المتسابق المصري لضخامة عدد سكان مصر مقارنة بباقي سكان الوطن العربي أو لفاز بها المتسابق السعودي لامتلاك السعودية لشركات الاتصالات الداعمة للبرامج والممولة لها. لكنها لعبة بوكر مفضوحة وكل عربي مهزوم عبارة عن قرش معدني فيها ممحو فلا هو ملك ولا كتابة. بل قرش فقط دون تفاصيل.

هل قلت إنها برامج بلف؟ نعم هذه البرامج جدير بنا أن نسميها برامج البلف، والبلّاف هو الرجال المحتال المخادع. وهي بالمناسبة كلمة أصلها إنجليزي Bluff ويصفون بها من يحتال في لعبة البوكر.

لكن لا أعرف ماذا يسمى المخدوع المهزوم في البوكر.