-A +A
أحلام محمد علاقي
غبت قليلا عن ربوع بلادي وعدت لأرى تغيرات اجتماعية كثيرة. بعضها جيد وبعضها محزن وبعضها مزعج وفعلا يجب أن يعاد النظر فيه.

فمن الجيد مثلا ازدياد أعداد النساء العاملات ودخولهن لمجالات عديدة لم تكن متاحة لهن قبلا. أصبحنا نرى الفتيات يعملن في الأسواق وفي المؤسسات وفي الهيئات الحكومية التي افتتحت بعضها أفرعا نسائية وصار وجود المرأة في القوى العاملة محسوسا ومقبولا ومعتادا. وأصبحت الكثيرات من الجيل الجديد موظفات أو ساعيات وراء العمل - وأعرف أن البعض سيقول إن هذه نتيجة لغلاء المعيشة وانهيار الاقتصاد العالمي الذي نحن جزء منه ولكن هذا ليس بالشيء السيئ. يجب أن نكون واقعيين فشئنا أم أبينا العالم يتغير والاقتصاد يتبدل ونحن جزء من كل ولا يمكننا الوقوف بشلل.


ومن المفرح أيضا ازدياد عدد المتعلمين من حملة الشهادات العليا وخاصة إن كانوا ذوي علوم و«فهوم» ولا يجمع بينهما الكثيرون ولكنهم يتزايدون ولله الحمد.

كما يفرحني أن أصبحت بعض البيوت لا تعتمد على العمالة المنزلية. فتزايد عدد من يمارسون أعمال المنزل والاهتمام بالأطفال بأنفسهم وهذا شيء جميل رغم أنه متعب.

ولكن من التغيرات المحزنة مثلا تزايد أعداد المدخنات بطريقة مهولة. وقبل أن يهجم علي فريق «المدرعمات» فأنا أقول إنني ضد التدخين جملة وتفصيلا سواء من رجل أم امرأة. ولكن لأن في مجتمعنا الأطفال يلتصقون بالنساء حيث الاجتماعات منفصلة رجالا ونساء، نجد الأطفال ضحايا تدخين النساء بصورة أوضح - على الأقل حسب خبرتي المتواضعة. فهم يعانون جدا حينما تدخن الأم على وجه الخصوص. وإن كانت للأم شلة من الصديقات المدخنات فهذه لعنة على الأطفال. رأيت أطفالا يعانون من الربو والحساسيات وأمراض التنفس والصدر وتكون أمهاتهم جالسات بجوارهم في وضع سحب نفسا طويلا من الأرجيلة التي تلف على الجالسات الأخريات «لعدل المزاج».

وأما عن التغيرات المزعجة فهي كثيرة. أحدها الغطرسة التي أصيب بها بعض الناس فجأة. يرونك فلا يسلمون ويغلطون عليك فلا يعتذرون ويوعدون ويخلفون ويستلفون ويلطشون وتدعوهم فلا يجيبون. بل وتفشت ثقافة «تقليل الاحترام» للآخرين لإثبات القيمة؟ أي باختصار، ثقافة عقد النقص.

ومن التغيرات المزعجة تفشي فكرة الطمع في راتب الزوجة العاملة الشيء الذي كان يا مكان في قديم الزمان عيب كبير وعار على الرجل إن فعله عظيم.

كما تفشت فكرة «اتدين واتزين» فاصبح الكل يريد أن يلبس رولكس مرصعة ويسافر الكوت دازور ويرسل سناب شات من ماربيا وهو يلبس أفخم الماركات. اللي يقدر يقدر واللي ما يقدر يستلف والمهم النتيجة والغاية تبرر الوسيلة.

ولا نملك إلا أن نقول التغيير سنة الحياة ولكننا يجب أن نستخدم عقلنا ونحلل الجيد من السيء. وربنا يعطينا خير الأيام ويكفينا شرها.