-A +A
السفير حمد أحمد عبدالعزيز العامر
انتهت الجولة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني في (منتصف فبراير 2017م) إلى دولة الكويت وسلطنة عُمان خلال ساعات، ولم يجتمع (المجلس الوزاري لمجلس التعاون) بعدها لدراسة العرض الإيراني الذي لم يكن إلا نتيجة الخشية من التهديدات الأمريكية النارية التي أنهت سنوات العسل في عهد أوباما، الأمر الذي يدل على أن ما طرحه روحاني خلال جولته لم يكن بمستوى التوقعات؛ لأنه لو كان كذلك لتحرَّكت سلطنة عُمان في اتجاه الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس الوزاري على أقل تقدير، واقتصر الأمر على زيارة سريعة قام بها أمير دولة الكويت إلى سلطنة عُمان بعد أيام من انتهاء جولة روحاني.

إن ما تعرَّضت إليه منطقة الجوار الإقليمي من تطورات خطيرة جداً في العقدين الأخيرين، والآثار المدمرة المترتبة عليها في السنوات الأخيرة، تَطلَّب من دولة الكويت التعامل بحذر مع إيران، وموازنة علاقتها معها بما لا يؤثر على علاقاتها بالمملكة العربية السعودية التي هي خط الدفاع الأول والعمق الأمني لسيادة واستقلال منطقة الخليج عموماً.


ويمكن تحديد الخطوط العريضة للتوازنات التي تحكم السياسة الكويتية في المنطقة في النقاط الآتية:

أولاً: الوضع في الاعتبار الظروف الخطيرة جداً التي تمر بها دولة الكويت نتيجة للتهديدات المتصاعدة من جانب العراق الذي أخضع ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية لمظلة القوات المسلحة؛ إضافة إلى ميليشيات تنظيم (داعش).

ثانياً: الوضع في الاعتبار خطر إذكاء الطائفية على الشأن الداخلي الكويتي، خصوصاً أن لإيران الدور الأكبر في دعمها بالتوازي مع الوضع الطائفي في العراق والتعاون والتنسيق مع الأحزاب الشيعية.

وعودٌ على بدء، فإن سمو أمير الكويت لم يحصل على رَد إيراني مكتوب وموثَّق ومقنع على الخطاب الخليجي الذي بعثه إلى روحاني، إنما استمع إلى ردٍ شفوي ليست له صفة الإلزام والتنفيذ، وهذا ما يثير الشكوك حول النوايا الإيرانية؛ فالموقف الإيراني الشفوي الذي استمع إليه سموه لم يمكن ليمرّ على شخصيته ذات الخبرة الطويلة والحنكة السياسية والدبلوماسية الغزيرة، فسموه يعلم خبايا السياسة الدولية وألاعيب إيران وسياستها تجاه دول مجلس التعاون الخليجي منذ قيام ثورة الخميني عام (1979م) وحتى اليوم.

فكانت الزيارة الرسمية إلى سلطنة عُمان للتباحث المباشر حول مدى جدية إيران في تحسين علاقتها مع دول الخليج ومدى ارتباط ذلك برغبتها في إظهار علاقاتها بدول المجلس بأحسن صورة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، واضعاً سموه في الاعتبار الموقف السعودي الذي يشكِّل حجر الزاوية في أية تحركات خليجية تجاه إيران.

ولذلك جاءت زيارة وزير الخارجية السعودي إلى بغداد في (25 فبراير 2017م)، لتؤكد بأنه لا يمكن فتح نافذة لتحسين العلاقات مع إيران أو الإقدام على أي ترتيبات معها دون المرور بالسعودية التي وقفت بحزم أمام المخططات الإيرانية التوسعية في المنطقة، وهي غير مستعدة لأي تحرك إيجابي مع إيران قبل الاقتناع تماماً من صدق نواياها لإقامة علاقات صحيحة ضمن اتفاق مكتوب وواضح.

وفي ضوء ما استجد من مواقف وتحركات على الصعيد الخليجي والإيراني، على دول مجلس التعاون وقبل الشروع في أي اتصالات أو عقد اجتماعات رسمية مع إيران الآتي:

وضع أسس نجاح الحوار السياسي مع إيران، وتوثيقها في خطاب الرَد المكتوب (المُنتظر) على خطاب سمو أمير الكويت، وأن تكون تلك الأسس مبنية على التجارب التي مرَّت بها المنطقة والاستفادة من التحركات الإيرانية منذ قيام الثورة الخمينية عام (1979م) وحتى اليوم وما نتج عنها من شحن طائفي وتثوير المواطنين الخليجيين الشيعة.

إعداد دراسة إستراتيجية حول العلاقات مع إيران وبرنامجها النووي في ظل التطورات والتهديدات التي تمر بها المنطقة، وذلك بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

العمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة على ضمان أمن واستقرار المنطقة، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة لاستمرار الإمدادات النفطية وحرية التجارة الدولية في الخليج العربي وأعالي البحار خاصة في مضيق هرمز الذي يقع بين سلطنة عُمان وإيران، ومضيق باب المندب الواقع ما بين البحر الأحمر وخليج عدن.

* المحلل السياسي للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون