-A +A
محمد السوادي
مشكلة المواطن ذي الدخل المحدود مع السكن قديمة، غُض الطرف عنها حتى أيام الطفرة إلى أن تفاقمت، وحين أُلْتُفِتَ إليها في العام 2011 اتضح أن شقها أكبر من رقعة 250 مليارا كانت من بين أوامر الملك عبدالله بن عبدالعزيز طيب الله ثراه..

أكثر المتشائمين توقعوا - آنذاك - ألاّ يحل علينا عام 2017 إلا و70% على الأقل من المستأجرين قد تملّكوا..


خمسة أعوام كاملة مضت، اكتحلتْ فيها عينا المواطن بأزهار «التخيير» في المنتج: (قرض، قرض وأرض، شقة، فيلا...) ورقص سمعه طربًا على أنغام عزف ياء المتكلم التي طوّرت المسمّى، وحولته من «إسكان» إلى «سكني»..

وبات المواطن يعتقد أنّ ما لم يتحقق في الأعوام الخمسة المدعّمة بالمليارات لن يتحقق فيما تلاها، خصوصا أنه استوعب رسائل قيادته الاقتصادية التي يقف معها قلبا وقالبا حتى لو سكن تحت ظلِّ أثَلَةٍ يابسة أغصانها، يستنشق من عروقها عبق تراب وطنه، ولن يضع أسفل ثوبه بين أسنانه حينما يدعوه الواجب ليسابق الريح هربا بسبب أن ليس له فيه «طوبة» كما يتوهم المغرضون، فللسعودي وارتباطه بوطنه وغيرته على أمنه ومحبته لقيادته حكاياتٌ تروى..

أقول: استوعب رسائل قيادته التي تنبئ بأن شجرة اقتصاد العالم من أقصاه إلى أقصاه تمر بهزّة عنيفة تتهاوى معها طموحات الشعوب في الرفاهية -أو حتى في أساسات الحياة- إلى ما دون عيشة الكفاف..

المواطن الواعي لا يمكن له اليوم أن ينسج آماله على «أهازيج» وزارة «إسكاننا» أو «سكننا» التي كان آخرها ذلك المؤتمر المسبوق بهالة إعلامية كاد معها أن يُسَلِّمَ المستأجرون شققهم لأصحابها ظنا منهم بأن مفاتيح سكنهم «المُلْك» في حقيبة معالي الوزير، أو إلى ما تم الإعلان عنه -على ورق- من نزر الفلل والأراضي في مناطق أقرب إلى القروية وقد لا تعاني أصلا من معضلة السكن، بل إنه في هذا الوقت بالتحديد -أعني المواطن- يعفي الوزارة من الركض في ميدان «المستحيل»، ويدعوها أن تتحول إلى «الممكن» المتمثل في الضغط على أصحاب العقارات الاستثمارية؛ لكي يتحمّلوا مسؤوليتهم ويخففوا على «المستأجرين» في هذا الظرف العصيب، بسنِّ أنظمة أهمها توزيع العقارات السكنية إلى فئات محددة الأسعار تحدُّ من «شجع» المؤجِّر الذي لا يزال موقعُ إعراب دخله في جملة العاصفة الاقتصادية السوداوية التامة «مستثنىً».

نعم يا وزارتنا، نبدأ بالممكن، و«نفكر» في ما بعد بالمستحيل، ودون هذا التحوّل المنطقي سيظل المواطن ينتظر، وينتظر، وفي النهاية سيكتشف أنه لم يطل بلحَ الشامِ ولا عنبَ اليمن..

jarood123@hotmail.com