-A +A
محمد أحمد الحساني
في الوقت الذي تصارع فيه مختبرات العالم وكبار باحثيها من أجل الوصول لعلاج بعض الأمراض المستعصية مثل أمراض السرطان بجميع أنواعه والسكري وفقدان المناعة «الإيدز»، يخرج علينا بين الحين والآخر من يدعي توصله لعلاج ناجع لأحد تلك الأمراض، فيصنع الوهم لدى المرضى الذين قد يتركون العلاج المخفف لمضاعفات الأمراض المستعصية إلى ما نصحوا به من علاجات لم يثبت علمياً ولا طبياً نجاحها ولو بشكل نسبي فيؤدي ترك العلاج إلى تدهور أحوال المرضى الواهمين المصدقين لتلك الأوهام، وأذكر أن قريباً لي أصيب بمرض سرطان الدم وفتح له ملف في المستشفى التخصصي وكان يسير في برنامج علاجه بطريقة جيدة فنصحه زميل له بالذهاب إلى الهند لوجود طبيب يقدم أخلاطاً من الأعشاب تقضي على سرطان الدم فترك العلاج وسافر وجاء بالعلاج وأخذ يستخدمه فتدهورت حالته الصحية ولما راجع التخصصي كان قد وصل إلى مرحلة متأخرة من المرض فلاقى وجه ربه لأن ذلك هو قدره المحتوم ولكن السبب كان اتباعه رحمه الله لما سمع من أوهام. وأبلغني صديق يعاني من آلام في ركبته وفي بطنه بوجود معالج لديه نحل فحل مدرب على قرص المرضى وتفريغ السم في أجسادهم فيكون الشفاء، وطلب مني مرافقته حتى أعرض جسدي للقرص لأشفى من السكري فأبيت فلما يئس مني ذهب مع صديق له فكشف كل منهما عن بطنه وتحملا قرصات النحل ثم كشفا عن ساقيهما حتى أخذا كفايتهما من القرص، وكان أحدهما كبير البطن فرتع فيها النحل حتى أصبحت مثل الطائرات التي تحط على مدرج المطار، وقد احتاج الصديقان بعد ذلك إلى مرهم لتخفيف التهابات قرص النحل.

وقرأت في الآونة الأخيرة وصفة لعلاج سرطان الأطفال، وذكر الخبر أن عدداً منهم شفي، وكان مصدر الخبر جريدة مكة المكرمة، وهو منسوب لموظفة في وحدة للأورام، فاستفزني الخبر وخشيت أن يؤدي الوهم إلى الإضرار بأطفال أبرياء إذا ما أهمل ذووهم علاجهم اعتماداً على تلك الوصفة الشعبية.


وسبق لي أن فندت كلام طبيب استشاري أمراض نساء زعم أن اليابانيين عالجوا السكري بشرب الماء، فاتصل بي استشاري كبير في أمراض القلب والسكري وأكد لي أن ما قاله زميله غير صحيح، وأن ردي عليه كان موفقاً على الرغم من أنه لا علاقة لي بالطب، ولكن الله منحني عقلاً مميزاً، ولله الحمد، والأمثلة على ذلك عديدة، وكلها تؤكد أن ادعاء بعض الأطباء والباحثين في الدول العربية عن سبقهم لاكتشاف علاجات لجميع الأمراض المستعصية مجرد ادعاء لا يسنده الواقع، ولكن بعض المرضى مثل الغريق الذي يتعلق ولو بقشة، فإذا ركضوا وراء تلك الادعاءات تدهورت أحوالهم وتضاعفت الآمهم، فهل يدرك أولئك الأدعياء حجم جنايتهم على المرضى أم أن شهوة الشهرة والمال تجعلهم لا يبالون بما يفعلون؟!.