-A +A
حسين شبكشي
السوق المالية في المملكة العربية السعودية هي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، ولديها القدرة على أن تكون إحدى أهم الأسواق الدولية الناشئة بلا أدنى شك، والسوق متى اكتملت في بنيتها التشريعية والتسويقية ستكون أحد أهم روافد الاستثمار الدولي، سواء أكان ذلك عن طريق الصناديق المؤسساتية، أو عن طريق الأفراد مباشرة (والخيار الثاني لا يزال بالانتظار أن يتم السماح به)، واليوم انضم لمؤشر «تداول» للشركات السعودية الكبرى مؤشر نمو السوق الموازية، وهو يقدم متطلبات إدراج أقل ويأتي بمنصة بديلة للشركات التي لديها الرغبة في طرح أسهمها للاكتتاب العام الذي تم إطلاقه مؤخرا، وتم استقباله بالارتياح والتجاوب والتفاؤل الكبير. هناك قناعة كبيرة لدى المتعاملين في الأسواق المالية أن هذه الخطوة مطلوبة جدا لرفع جاهزية السوق السعودية وتكريسا لمرحلة الوعي والنضوج التي وصلت إليها، وأيضا تحضير مطلوب للأرضية الجديدة التي يجري تحضيرها استعدادا للاكتتاب الأعظم في تاريخ الطروحات المالية للشركات حول العالم، والمقصود هنا طبعا اكتتاب شركة أرامكو والتي سيكون للسوق السعودية حصة في هذا الطرح، بالإضافة إلى سوقين عالميتين آخريين سيجري تحديدهما لاحقا. وبكل هدوء وثقة وحكمة يقود هذا التوجه الجديد شاب سعودي مقتدر، وهو محمد القويز نائب رئيس هيئة السوق المالية، ومحمد القويز يأتي من خبرة متنوعة ومهمة وشاملة، فهو شريك مؤسس لشركة دراية المتخصصة في مجال المشورة والخدمات المالية والتخطيط الإستراتيجي والقانون والاستثمار والحوكمة الخاصة بالشركات، وعمل أيضا في مجال المصرفية الاستثمارية ومصرفية الشركات مع بعض البنوك الكبرى في السعودية، وعمل أيضا مستشارا تنفيذيا مع أحد أهم الشركات الرائدة في مجال الاستشارات الإستراتيجية في العالم وهي شركة ماكنزي العملاقة وتنوع دوره في تنفيذ مهام لافتة ودقيقة مع الشركات والمؤسسات، كل هذه الخلفية اللافتة تبعث على الطمأنينة والثقة والأمل أن هيئة السوق المالية مقدمة على مرحلة مهمة من تطوير المنظومة القانونية فيها وتحسين هيكلة الإدارة والأداء ورفع درجة التنافسية المقدمة من السوق السعودية مع الأسواق الناشئة الموجودة حول العالم. السوق السعودية لا تزال بعيدة عن الطموح، وخصوصا في مجال الانفتاح على الأسواق الأخرى، فهي من الممكن أن تكون منصة لإطلاق العديد من الشركات الكبرى من دول الخليج ومصر والأردن والمغرب وأفريقيا بدلا من لجوئهم إلى أسواقهم الصغيرة عليهم نسبيا أو الطرح في أسواق أمريكا ولندن (وهي أسواق كبيرة جدا عليهم ولا تكون هذه الشركات مغرية بالقدر الكافي لهم). هناك فرص مهمة لجذب الاستثمارات الكبرى إلى السوق السعودية، ولكن لابد من إدارة السوق بنظرة شمولية وغير ضيقة، نظرة تليق بدولة منضمة إلى دول العشرين هذه الموضعية بحاجة لأن تنعكس على سياسات السوق وتوجهاتها وخطط تسويقها وترويجها. محمد القويز لديه بعد النظر والفهم والحكمة أن يقود هذا التحول المطلوب لسوق أداؤها لليوم دون الطموح والمتوقع من اقتصاد بحجم السعودية وقدراته، يبقى التحدي هو أن يتحول هذا الطموح إلى سياسات وتوجيهات يستفيد منها السوق والمتعاملون فيها في داخل السعودية وخارجها.