-A +A
هيلة المشوح
hailahabdulah20@

المراقب لتاريخ الممانعة في مجتمعنا لن يُصدم بممانعات اليوم كالترفيه على سبيل المثال، فمنذ تعليم البنات وانتهاء بقيادة المرأة ورياضة البنات، ومروراً بالكثير والمثير والمضحك والمبكي لم تقتصر الممانعة على أمور اجتماعية وسلوكيات بعينها بل شملت كل جديد من وسائل النقل والتقنية والمظاهر الخارجية كالملابس فرفضوا البرقية والسيارة والسيكل والراديو والتلفزيون وجوال الكاميرا والدشوش وبعض مكملات الملابس كالغترة والكبك للرجال وعباءة الكتف والنقاب للنساء والقائمة تطول، فالممانعة بدأت في عشرينات القرن الماضي واستمرت حتى يومنا هذا تتشكل حسب المكونات الفكرية للمجتمع، وقد بلغت أوج اشتدادها حين هيمنت الصحوة وتجذرت.


هل تعرفون «شهيدة العصر»؟

حسناً.. ألقى أحد الوعاظ خطبته العصماء والشهيرة بشهيدة العصر بُعيد دمج رئاسة تعليم البنات مع وزارة المعارف آنذاك عام 2002 على منبر جمعة شهير، فقد كان مصابا جللا للمتشددين وأصحاب الممانعة الرافضين لأي تغيير، وأتذكر هنا أن الخطبة كانت طويلة وورد فيها أن بعضا ممن تلقى خبر الدمج أفطر على تمرة وصام عليها حتى اليوم التالي من شدة الحزن، وقد صاحب هذا الحدث -الدمج- اعتراض كبير وجدل واسع وتحذيرات من الفسق والتغريب والفجور المصاحب لهذا الإجراء الخطير على حد زعمهم فأظهروه بصورة مبالغ بها، وهذا الحدث كاف ليعرف المجتمع دجلهم وتضخيمهم للأمور وتفاهة ممانعاتهم.. وياليت قومي يعلمون!

مرت السنوات وكأن شيئا لم يكن كحال أحداث سابقة بل لم يعد المجتمع يتذكر ما حدث لتمر أحداث مماثلة فيتفاعل معها البعض وكأنها تحدث لأول مرة وهذا عيبنا أننا لا نتعلم من مجريات التاريخ خصوصاً ما يحدث في مجتمعنا حالياً من بعض الحراك الطبيعي للأمام فيقابله البعض بالرفض والتعنت والتحذيرات ولا يستوي الأمر حتى «يُبهر» بنكهة الجنة والنار والحلال والحرام والتحذير من ضياع الفضيلة ليحل محلها الرذيلة.. وهكذا مرت هرطقاتهم بسلاسة في مجتمع يدور في فلكهم وتحت رقابتهم وأخص فترة زمنية بعينها وهي من بداية السبعينات حتى قبل عدة سنوات، وهي الفترة التي ازدهرت فيها الصحوة وترعرعت وتمكنت من مفاصل حياتنا وتفاصيلها.

الممانعة والرفض الممنهج والاعتراض على كل مستحدث ليست بالأمر الجديد حتى نقف مشدوهين أمام ردات فعل الممانعين وتشكل وتطور ممانعتهم، ولكن الأجدر أن نتجاوزهم ونتجاوز كل ما يعيدنا للوراء وليمانعوا كما يشاؤون.