-A +A
خالد صالح الفاضلي
من باب الدلع: (فرنشزة) هي اسم فعل (فرنشايز)، ومعناها أن يتم منح (تجربة) اقتصادية، أو ثقافية اسماً يصبح لنطقه قوة استحضار الصورة الذهنية الكاملة للتجربة، أسرع مما كان سيفعله (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ).

لا أخفيكم حزناً، عجزي عن رؤية تجربة سعودية (اقتصاداً، أو ثقافة) تحولت إلى (فرنشايز) سعودي عابر للقارات، لا تشوبه ملامح شكوك بأنه كان صناعة مستوردة تم تدويرها وإعادة تصديرها، (مندي، منتو، تميس، فول، رز بخاري،، إلخ) مسحوباً على السمسمية، المزمار، و(يا سارية خبريني).


لا أخفيكم حمقاً، إحساسي بأننا ثقافياً، أصبحنا مثل أرصفة (إعادة التصدير) في الموانئ الإقليمية، (لا ينال الرصيف من الحاويات إلا ثقل الوزن، والغبار، وربما بكتيريا وفيروسات)، ورغم أنني (ابن نطوطة) لكثرة ترحالي، فلم أعثر على (فرنشايز) سعودي أكثر انتشارا من رؤية (صدمة حضارية) في عيون السعوديين عندما يكتشفون أن الماركات العالمية كانت مجرد أفكار ومشاريع محلية (بعضها أنتجته قرى صغيرة) تحولت إلى أسماء عابرة للقارات.

يأتي السؤال: لماذا عجزنا عن (فرنشزة) منتج اقتصادي أو ثقافي بقوة تحوله إلى معتقد بحجم (ستاربوكس) أو (رقصة فلامنكو)؟

يأتي الجواب: بأننا أهملنا الثقافة المحلية (الإقليمية) وحاولنا صناعة ثقافة موحدة، كما فعلنا مع (الثوب السعودي والشماغ الأحمر)، وتجاهلنا الانغماس في ثقافات ذات سمات محلية أنتجتها مساحات صغيرة من بلادنا (طعاماً، رقصاً، طرباً).

يعود السؤال: لماذا فشلنا؟ لأننا اقتصادياً وضعنا الخطط والتنفيذ في أيادي أدمغة أجنبية، انشغلت باستيراد (فرنشايز أجنبي) وعجزت عن تصدير (فرنشايز سعودي)، بينما المشهد الثقافي السعودي يعيش منذ زمن حالات انهزام متراكمة، لبعضها أسباب مخجلة جداً، ونقطة سوداء في جبين غالبية الأسماء الثقافية والفنية السعودية.

نجح محمد عبده بتصدير أنماط من الموروث الطربي السعودي الجنوبي (إيقاعاً ولحناً) إلى الوطن العربي، لكن كل منتجاته (عدا اسمه) لم تصل إلى موسيقى نستطيع تسميتها (فرانشايز سعودي خالصاً) طالما كان العمق الموسيقي والطربي لها مجرد فروع لشجرة جذورها في اليمن.

نعود للقول إن (الفرنشايز) ليس مجرد منتجات عابرة للقارات فقط، بل أيضاً سفينة تحمل على متنها حاويات ثقافية، فكل فرنشايز مدسوس في عمقه سمات ثقافية للبلد المصدر، نستوردها معه، ونعيشها، ثم نتوارثها، فتصبح جزءا من ثقافتنا.