-A +A
عبدالمحسن هلال
AbdulmohsinHela@

بصمات وإنجازات الوزير توفيق الربيعة في وزارة التجارة سابقا معروفة وتستحق التقدير، ولما نُقل معاليه لوزارة الصحة خفت عليه من إخفاقات خمسة وزراء قبله، لكني مضغت الأمل وقلت لعل غازي قصيبي آخر سيحضر، ومضيت أنتظر مع المنتظرين. لعل أول وأهم القضايا التي واجهته في الصحة إشكالية التأمين الطبي، وما قدمته الوزارة هنا لا شك أقل من المأمول حتى الآن، ولعل من الأفضل فصل قضية التأمين عن قضية خصخصة بعض خدمات مستشفياتها لتخفيف الضغط عليها، تداخل إجراءات القضيتين قد يضر بأهدافهما، والأمل في الوزير أن يتريث قليلا في أمر الخصخصة، وإن كان لابد منها، فليتشدد معاليه في المعايير ونوعية الخدمات وتخفيض عددها.


استحدث الوزير الربيعة فكرة «المتسوق السري» الذي يزور المستشفيات والمرافق الصحية نيابة عن الوزير لرصد أية ملاحظات عليها، ولعل آخرها تقرير حال مستشفيات ومراكز الرعاية الصحية بالعاصمة المقدسة، رصد التقرير الذي جاء في 79 صفحة مدعما بالصور، 66 ملاحظة على 10 مرافق صحية، معتمدا 14 معيارا منها: شكل المبنى، الاستقبال والمدخل والممرات، الصيانة والنظافة، الأسرة وغرف العيادات وأقسام الطوارئ، وجود الأطباء والتمريض في أماكن العمل (المدينة، 6 مارس) لا شك أن البادرة جيدة، وقد تعوض فكرة الزيارات المفاجئة، غير أن المعايير التي اعتمدها «المتسوق السري» تحتاج إعادة نظر، أقله إضافة معايير أخرى أهم وأجدى، مثل مدى توفر الأسرة والدواء والأجهزة، ومدى نقص الكوادر الطبية من أطباء إلى فنيي مختبرات وأشعة وممرضين، الذي يترتب عليه الزحام الشديد ويعوق المتابعة الطبية الجيدة.

وبالجزم فإن وضع وظرف العاصمة المقدسة يضعها على أولويات اهتمام كافة الوزارات، ولعل أهمها الصحة، فمكة، حرسها الله، واجهة البلد أمام العالم أجمع وبالخصوص العالم الإسلامي، ومقصد 99% من زواره على امتداد العام وما نال بعض أحيائها من أزالة أدت إلى انتقال كثير من سكانها لأطراف المدينة وضواحيها، وهذه تحتاج مستشفيات ومراكز صحية جديدة. معظم مستشفيات مكة الحديثة لم تصل لطاقتها المخطط لها، وكل مستشفياتها القديمة تحتاج إعادة تأهيل بالكامل. كثير من منسوبي الوزارة يرغب العمل بمكة، ولا غرو فقدسية الجوار تغري، لكن على الوزارة التدقيق في مسألة الكفاءة والأفضلية، ومعاناة سكان مكة مع بعض الكوادر الضعيفة مهنيا بالمستشفيات الحكومية الكبيرة، وأكبر منها معاناتهم مع كوادر المستشفيات الخاصة، والأمل أن تولي الوزارة اهتماما بهذا.

أما سياسة الوزارة على المستوى العام بالتعاقد مع كوادر طبية من دول العالم الثالث بسبب ضعف بند الأجور والرواتب، فله نتائج وخيمة، قد يطيل أمد التشافي ويزيد كلفة العلاج وكمية الدواء، ما توفره الوزارة هناك ستدفعه هنا، وصحة المواطن هي الضحية بين الحسبتين.

Hadeelonpaper@gmail.com