منصور بن إبراهيم الحسين
منصور بن إبراهيم الحسين
-A +A
منصور بن إبراهيم الحسين
المتأمل في الممارسات الإعلامية في الميدان عموما، يجد الكثير من الأساليب والمدارس التي تمارس عملها ونشاطها بأشكال مختلفة. ومن خلال تأمل لواقع هذه الجهات، خصوصا الحكومية، وجدت أن هناك العديد من النظريات والمدارس المطبقة للإعلام في الدوائر الحكومية وفي غيرها من القطاعات ويغلب على هذه المدارس ثلاثة أنواع:

المدرسة الأولى: مدرسة (لا للإعلام)؛ فالمسؤول الأعلى في هذه القطاعات يقف ضد الإعلام نهائيا، وفي هذا الحالة يجهل الناس القائم على القطاع أو بعض مهام القطاع، ولكن تستمر فترة العمل في القطاع (والمسؤول هنا هو أطول الناس عمرا في البقاء في المنصب) لأن الإعلام لا يتناوله فلا يتحدث عنه أحد حتى لو كان أداؤه سيئا.


المدرسة الثانية: تريد الإعلام وتحرص على التواجد فيه؛ لإيمانها بأهمية الإعلام وأثره ودوره في توعية المجتمع وتأخذ هذه المدرسة أشكالا عدة للتنفيذ:

الشكل الأول: الحديث في وسائل الإعلام يكون للمسؤول الأعلى فقط دون غيره وهذا له سلبياته على الشخصية العليا في الوزارة أو المؤسسة.

الشكل الثاني: الحديث للإعلام مستمر، ولكن بدون أي ظهور للمسؤول الأعلى، ومن الأمثلة على ذلك مدير شرطة الرياض حاليا، فالكثير لا يعرف من هو؟ لأنه لا يريد أن يظهر في الإعلام نهائيا، وفي نفس الوقت أخبار الشرطة يوميا في الصحف عن طريق المتحدث الرسمي للشرطة العقيد فواز الميمان، مقارنة بمدير الشرطة السابق بل إن البعض يتوقع أن مدير الشرطة الآن ما زال السابق.

الشكل الثالث: حضور بسيط للمسؤول الأعلى في حالة الإنجازات الضخمة وبدون وجود أي معوقات أو مشاكل في قطاعه، وهذا من يرى أن الإعلام سلاح ذو حدين ويجب التعامل معه بحذر واحترافية، وخير مثال على ذلك الدكتور توفيق الربيعة في وزارة التجارة، حيث كان له حضور بسيط في (تويتر) وقد يكون أسبوعيا أو شهريا، مع وجود حديث للمتحدث الرسمي للوزارة أو لمسؤولي الوزارة. أما في وزارة الصحة ففطنة الدكتور توفيق الربيعة أو الفريق الإعلامي معه متميزة وجيدة، فبعد تعيينه استخدم سياسة الانسحاب من الساحة الإعلامية نهائيا. فلا يذكر للوزير توفيق الربيعة أي شيء (مثل افتتح أو ترأس اجتماعا او استقبل في مكتبه أو زار... إلخ) بل هو لم يغرد إلا في رمضان الماضي عن تفجير المدينة، وأعاد تغريدة لهيئة الهلال الأحمر فقط. ولم ينشر خبر له في جريدة الرياض لأكثر من شهر لأنه جاء إلى وزارة كلها مشاكل، ومهما عمل فلن يرضى المريض عن الخدمة في الشمال أو الجنوب، فمهما كتب سيخرج إليه من ينتقد عمله، حتى لو كانت هناك حالة فردية. وقد عاد أخيرا بإعادة تغريدات الوزارة أو جوانب إيجابية من إنسان أو جهة. ولكن كل تغريدة تجد عليها من الردود المئات من الشكوى والمشاكل ويمكن أن تكون كنزا إعلاميا للصحف الباحثة على الإثارة.

الشكل الرابع في مدرسة الحضور الإعلامي: من يجعل الأنشطة منوعة وليست باسم المسؤول الأعلى فقط ولا باسم المتحدث الرسمي فقط، ولكن بأسماء المتميزين من مديري الإدارات ورؤساء الأقسام مما يخص أقسامهم، وفي هذا تشجيع ودعم كبير لهم.

المدرسة الثالثة التواجد الإعلامي على مختلف الوسائل: فيحرص فيها المسؤول الأعلى على التواجد الإعلامي الشخصي بشكل كبير، ويكون له حضوره في الكثير من وسائل الإعلام، وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي مثل (تويتر). مع أنه يترك لزملائه التواجد والحضور الإعلامي. وهذه المدرسة الإعلامية قد تسيء للمسؤول الأعلى حتى لو كان الخبر جيدا ومقبولا من المواطنين؛ ومثل ذلك معالي وزير التعليم السابق الدكتور عزام الدخيل؛ فقد كان حريصا على التواجد في (تويتر) والتغريد بكل تعميم أو حتى تعليق الدراسة في جدة أو الرياض بسبب المطر قبل موقع الوزارة إو إدارة التعليم المعنية (مع أن عزام صديق للمئات من الإعلاميين، فقد كان هو المدير التنفيذي للمجموعة السعودية للإعلام ويصدر عنها صحف الشرق الأوسط والاقتصادية والرياضية وعرب نيوز وعدد من المجلات المتنوعة والمتخصصة). وعندما أعلن فتح فصول في مدارس التعليم العام للتحفيظ، قام بعض كُتّاب المقالة بشن حملة كبيرة عليه في أعمدتهم في الصحف. وفي المقابل الحملات التي شنت على معالي وزير الصحة السابق الدكتور عبدالله الربيعة من بينها قضية الفتاة التي نقل لها دم في جازان ملوث بالإيدز وأصبحت هدية (الآي باد) نكتة ما زالوا يكررونها. ولو أن المسؤول أو الشخصية تجنب الإعلام في هذه المواقف أو المناسبات والأحداث، وترك الأمر لغيره لكان أسلم وأفضل له وللقطاع والمجتمع.