-A +A
سعيد السريحي
عجبت من أمر أحد المعلقين على ندوة خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي التي تشرفت بالمشاركة فيها على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب، عجبت من أمره حين طالب بوجود تمثيل للطرف الآخر يشارك في الندوة، ولما كانت الندوة تتناول بالنقد خطاب الكراهية ومن يسعون لبثه في المجتمع مهددين بذلك وحدتنا الوطنية وعلاقاتنا بشعوب العالم فإن وجه العجب أن تكون المطالبة بتمثيل هؤلاء الفاسدين المفسدين في الندوة وكأنما نحن أما مسألة تحتمل رأيين يمكن لنا أن نتحاور حولها ونختلف في شأنها ثم نتصافح بعد ذلك، مؤكدين أن الخلاف لا يفسد للود قضية، جاهلين أو متجاهلين أننا إنما حاورنا وصافحنا أولئك الذين خطابهم يفسد كل وطن وكل قضية.

وقد فات على ذلك المعلق أن الندوة إنما هي ندوة فكر يترصد المشاركون فيها ظاهرة الكراهية ويجهدون جهدهم في التعرف على أسبابها وطرق معالجتها، كما فاتت عليه حكمة من حددوا شخصيات المتحدثين في تلك الندوة، فجمعت بين الرجال والنساء بحكم أن خطاب الكراهية نال من الجنسين معا، كما جمعت بين أكبر طيفين مذهبيين في المملكة، وكلا الطيفين ناله من خطاب الكراهية ما ناله، وإذا كانت الندوة قد عنت بالجانب الفكري والاجتماعي فقد عنت في الوقت نفسه بالجانب التشريعي القانوني ومن ثم كانت المشاركة فيها ممثلة لهذه الجوانب الفكرية والاجتماعية والقانونية، فات على المعلق ذلك كله، ولم ير في كل ما رآه إلا غياب تمثيل أولئك الذين يقفون وراء الفتنة ويصبون الزيت على خطاب الكراهية ثم يرقصون على رائحة شواء وطن يحترق بما يوقدونه تحته من نار.


فات عليه أن تمثيل من يراهم طرفا آخر، ويراهم العقلاء جميعا عدوا آخر للوطن وللناس، إنما هو اعتراف بهم، وهو الأمر الذي ربأ المرتبون لتلك الندوة عن الوقوع فيه، ويربأ الذين شاركوا في الندوة بأنفسهم عنه كذلك، ذلك أن الندوة إنما تستهدف مقاومة خطابهم وليس منحهم هامشا جديدا يبثون من خلاله سموم الكراهية أو يبدلون أثناءه جلودهم فإذا عادوا إلى جماعاتهم قالوا إنما نحن معكم إنما نحن نستهزئ بهم، فتكون مشاركتهم مخاتلة لنا عما عرفناهم به.