-A +A
عبده خال
في الندوة التي أقيمت بمعرض الكتاب (خطاب الكراهية في شبكات التواصل الاجتماعي) بدءا يمكن القول أن الكراهية صفة إنسانية لا يمكن إزالتها إلا من خلال نشر الحب بين أطياف المجتمع وفي الوقت ذاته تضييق منافذ بث تلك الكراهية..

والندوة لم تنفِ هذه المشاعر الإنسانية السالبة وإنما تبنت مناقشة خطاب الكراهية في موقع محدد ولأن هذه الندوة كانت الأثيرة في اجتذاب الجمهور للوقوف على ما سيقوله المحاضرون والمعلقون عن تلك الظاهرة التي عمت مواقع التواصل، ولأن هذه المواقع حديثة نوعا ما إذا قورنت بما وجدنا أنفسنا محاصرين به من كراهية انطلقت من المدارس والمنابر والمراكز الصيفية وعندما تطورت وسائل التقنية انتقل الباثون للكراهية إلى تلك المواقع وفي ذلك اتساع لتمدد خطابهم والترويج له، وهذا يعني أن بضاعتنا ردت إلينا مع الفوائد!


والذي لم يتحدث فيه أحد من المحاضرين -في ندوة معرض الكتاب- عن كثافة وتزايد المنتمين لخطاب الكراهية نوعية من يبث أو يساند في البث وهم الأكثر والأعم، وهذه ملاحظة في غاية الأهمية إذ أن هؤلاء هم من ولدوا في الفترة الزمنية التي تمدد فيها الخطاب، فجل من يتبنى هذا الخطاب هم فئة عمرية محددة (أكبرهم في الأربعين من العمر)، فكيف لمن عاش وتغذى بثقافة التحريم أن يكون متسامحا مع مَن يغايره أو يخالفه في النهج والوسيلة؟ وكيف له أن يستبين الاختلاف في ظل رأي أحادي عاش فيه وبه..؟ وهذه هي المعضلة التي لو لم نجد لها حلا سريعا وباتا فإن خطاب الكراهية سيستمر في النمو، فما تم زرعه من كراهية نحتاج أضعاف زمن البذر لحصده، وإذ كنا جادين في إحلال خطاب الحب بديلا للكره فأمامنا طريق طويل لإعادة المستقبل قبل أن يثمر عن كره مماثل.

فمن ولدوا في زمن بث الكراهية تشربوا به الى الأذقان، وكما قلت فإن أكبرهم يكون عمره في الأربعين عاما الآن، أي أنه وصل إلى مرحلة يبث فيها خطاب الكراهية لأبنائه وأحفاده.

هذه هي الحقيقة وفي محاربتنا للكره وتنوع خطاباته لن تكون مصادر البث الأولى (المدرسة والمنبر) كفيلة باستعادة أبناء المستقبل بسبب انشطار من يؤمن بالحب كوسيلة لبناء الحياة وبين من يؤمن بالولاء والبراء من كل شيء له علاقة بما لا يؤمن به.

ولأن خطابات (الحب أو الكره) هي أفكار يتم اعتناقها فلا يمكن نزع أي مشاعر أو سلوك يؤذي الآخرين إلا من خلال القانون، فإرساء القانون وتغليظ العقوبات على من يهتك وحدة المجتمع والسلم الاجتماعي بالفرقة والتحريض يكون القانون هو السبيل الوحيد للقفز على سنوات بث الكراهية وإعادة كل كاره إلى صوابه أو على الأقل منعه من التوغل في تعميق ذلك الخطاب..

وإذا كان القانون هو السبيل الأمثل لذلك، فلماذا لا يتم تعميم محاكمة خطاب الكراهية في جميع مناطق المملكة ومحفظاتها؟

لي عودة لمناقشة هذا الأمر لاحقا.