-A +A
سعيد السريحي
وافقت الجهات المسؤولة على السماح بعودة أحد الدعاة لإلقاء دروس في التفسير بعد إيقافٍ دام لسنوات عدة نتيجة خلطه لمشاركاته الوعظية بالشؤون السياسية والشؤون العامة داخل البلاد وخارجها، وجاءت الموافقة، حسب التقرير الذي نشرته صحيفة مكة، مشروطة بعدم تطرقه لقضايا السياسة وتجنب ما كان يقع فيه من خلط بين ما هو سياسي ودعوي.

والمشكلة، فيما نعتقد، ليست في تطرق ذلك الداعية لأمور السياسة وإنما لتقحمه مجالا على نحو لا يخلو من واحد من الاحتمالات: فهو إما أن يكون جاهلا بالمجال السياسي وما يتسم به من ملابسات ومن شأن خوضه فيما لا يملك معرفة به أن يحدث بلبلة بين الناس نتيجة استغلاله منبر الدعوة لبث تصورات مغلوطة لا تستند إلى معرفة ولا تنبثق عن علم، وإما أن يكون ممثلا لأجندة سياسية لا تخالف سياسة الدولة فحسب بل تنتمي لسياسات تعمل ضد سياسة الدولة ينوي من خلالها التأثير على الرأي العام وتأليبه على وطنه والسياسات التي ينتهجها وطنه وهو ما يجعله أكثر خطرا على الوطن مما لو كان جاهلا بأمور السياسة.


هذان هما الاحتمالان اللذان يقفان وراء إيقافه عن ممارسة الدعوة كما أنهما الاحتمالان اللذان يجعلان اشتراط تجنبه الخوض في أمور السياسة مسألة هامة تتعلق بها سلامة المواطنين وأمن الوطن، فليس هناك من ضرر أشد خطرا من ضرر داعية يهرف بما لا يعرف وداعية يستغل منبر الدعوة لتنفيذ أجندات لأحزاب ينتمي إليها أو دول تستأجره للنيل من أمن الوطن واستقراره.

الحديث عن السياسة وفي السياسة ليس حديثا محظورا في حد ذاته غير أنه ينبغي أن يكون حديث العارف بما يقول والفاهم لما يتحدث عنه كما ينبغي له أن يكون وحديث المخلص لوطنه الحريص على سلامته وأمنه واستقراره.