-A +A
سعيد السريحي
ليس هناك من شك في أن الذين وقعوا في شباك التطرف من شبابنا قلة إذا ما نظرنا إلى نسبتهم إلى بقية الشباب المتسم بالاعتدال في سلوكه وتفكيره، كما أن الدعاة المتشددين قلة إذا ما قسناهم بالدعاة الذين يحرصون على الوسطية والاعتدال إذا ما وعظوا الناس أو دعوهم، وعلى النحو نفسه نستطيع أن نقول إن الفاسدين في مختلف القطاعات هم قلة إذا ما نظرنا إلى نسبتهم إلى أولئك الذين لا يرتشون ولا يستغلون منصبا لأغراض خاصة ولا يسيئون استخدام سلطتهم وصلاحياتهم ولا يفرطون في الحفاظ على المال العام.

هؤلاء المتطرفون والمتشددون والفاسدون هم قلة دون شك غير أن خطرهم على المجتمع لا يقاس بقلتهم وكثرتهم، وما يترتب على تشددهم وتطرفهم وفسادهم من أضرار على الناس وإضرار بمصالحهم لا يحتاج أن يكونوا أكثرية أو أغلبية فالمجتمعات لا تحتاج إلا إلى قلة فاسدة كي تفسد أمورها وتتعطل مصالحها كما لا تحتاج إلا إلى فئة متطرفة أو متشددة تجرها نحو التطرف وتزين لها التشدد وتفتك في كيانها بالتدريج.


لذلك كله لا ينبغي أن نطمئن إلى أن هؤلاء المنحرفين باتجاه الفساد والتشدد والتطرف قلة، كما لا ينبغي علينا أن نستسهل مواجهتهم والتصدي لما يلحقونه بالمجتمع من ضرر، بل لعل قلتهم تشكل الشرار الذي يكمن تحت الرماد حين نغفله أو نتغافل عنه فيستثمر تلك الغفلة وذلك التغافل كي يتسبب في حريق يأكل الأخضر واليابس.

استئصال شأفة التطرف والتشدد والفساد تحتاج عملا دؤوبا لا يستكين ولا يستقر قبل تطهير المجتمع من الفاسدين ودعاة التشدد والتطرف وإلا فإن الحرب المنقوصة عليهم سوف تزيدهم قوة وقدرة على التأثير.