-A +A
محمد آل سلطان
@dr_maas1010

ميزة السياسة السعودية قدرتها على إعادة تموضعها من جديد، وأنها تكاد تكون إحدى أكبر القوى المرنة في العالم، كما يدرك قادة العالم أنه لا يستهان بإرادتها وعزيمتها وأدواتها وقدرتها على الصبر على الأصدقاء قبل الأعداء حد النفاذ إلى اللحظة التي تقلب فيها الموازين لمصلحتها ولو بعد حين.


وفي الأسبوع الماضي تُحدث السياسة السعودية اختراقاً مدهشاً يثير ثقة أصدقائها وحلفائها وحنق وقلق أعدائها أو من لم يقدر جيداً مهارة السعوديين في جر العربة والحصان معاً باتجاه مصالحها ومناطق نفوذها.. وكما أثبتت أنها قادرة على أن تعوِّل على نفسها وقت تراخي الأصدقاء وطمع الأعداء واستطاعت في الفترة القريبة الماضية أن تتجاوز الفوضى في السنوات العاصفة للثورات العربية وتئد الفتنة في البحرين وتقود عاصفة حزم عبر تحالفها العربي وتبني التحالف الإسلامي الأكبر ضد الإرهاب في الشمال، وتطلق مشروعها الاقتصادي الكبير 2030.. فإنها لن تمل من إثبات براعتها وكونها الحليف الأكثر مصداقية وموثوقية الذي يمكن الاعتماد عليه في ترتيب شؤون المنطقة.

السياسة السعودية لم تكن راضية عن سياسة الإدارة الأمريكية السابقة، واختلفت معها كثيراً وخصوصاً في تماهيها مع المشروع النووي الإيراني ولكنها لم تقف مكتوفة الأيدي واستطاعت مع أشقائها في الخليج تحييد المشروع الإيراني في المنطقة واستنزافه وكشف عواره وهمجيته للعالم.

ولهذا فهي لا تتحرك عبثاً.. تهدأ أحياناً ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، وها هي الآن تقف شامخة عبر ذراعين ممتدين من اليابان والصين شرقاً وحتى الولايات المتحدة الأمريكية غرباً. وميزة السعوديين أن لديهم ما يقولونه ويفعلونه للعالم لمصلحة الرخاء الاقتصادي والأمن العالمي لذلك فحصانهم دائماً الرابح.

وليس اعتباطاً أن توقيت زيارة سمو ولي ولي العهد للبيت الأبيض والتقائه بترمب وأركان إدارته والاتفاق على عديد من الملفات السياسية والاقتصادية المتبادلة يتقاطع مع ذات التوقيت للزيارة الحافلة لخادم الحرمين الشريفين لآسيا الإسلامية ولثاني وثالث أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم الصين واليابان.

هي رسالة واضحة وأداء دبلوماسي واقتصادي متميز يقدم السعودية للقريب والبعيد كدولة كبرى لا يمكن اختزال مصالحها وشبكة علاقاتها واستثماراتها وتطلعاتها ورغبتها في مشاركة العالم النجاح عبر رؤيتها 2030.

إن الفرق بين السعودية وغيرها أنها تدرك أن العالم تحكمه مصالح متشابكة وأنها تنسج مصالحها الذاتية عبر هذه الشبكة لا من ورائها أو بالقفز عليها، ولهذا فإن لديها رؤية عميقة ثلاثية الأبعاد بوصفها مركزاً للثقل العربي والإسلامي وكقوة استثمارية رائدة وموقع إستراتيجي مهم يؤهلها في مجموعة أن تكون قبلة الاستثمار ورمانة الميزان في سياسات الشرق الأوسط كما هي قبلة المسلمين وأرض العرب والرسالة.