-A +A
عزيزة المانع
قبل أسبوعين تقريبا أعلنت وزارة الثقافة والإعلام عن أسماء الفائزين هذا العام بجائزتها السنوية للكتاب، وهي جائزة ذات ستة فروع تشمل (الفكر والصحة والرواية والشعر والنقد والمسرح). ويحصل كل فائز على مائة ألف ريال، ومائة ألف أخرى مقابل شراء نسخ من عمله الفائز.

في المدة الزمنية نفسها تقريبا، أعلنت إدارة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل عن جائزة الملك عبدالعزيز للأدب الشعبي، وهي جائزة ذات ثلاثة فروع تشمل (الشيلات والنظم والمحاورة) وفي كل فرع ثلاثة فائزين يحصل الفائز الأول على خمسة ملايين ريال والثاني مليونين والثالث مليون، بما مجموعه 24 مليون ريال!


(شيلات ومحاورات وفلة ووناسة وفوقهم خمسة ملايين)، ماذا بقي أجمل!

العيب الوحيد هنا، أن النساء لا يسمح لهن بالاشتراك في فروع الجائزة الثلاثة كلها، يسمح لهن بالاشتراك في فرع النظم فقط، أما الشيلات والمحاورات فبعيدة عن أحلامهن! صورة تقليدية من صور التمييز ضد المرأة، تضاف إلى قائمة أشكال التمييز الأخرى الموجودة ضدها!

ومع ذلك ليس هذا مرادي من هذا المقال، ما أريده أكبر وأكثر أهمية من مجرد حظر الاشتراك على النساء في بعض أشكال الجوائز.

ما أريد التركيز عليه هنا هو المقارنة بين تقييمنا (للأدب الشعبي)، و(الأدب الفصيح والفكر والعلوم)! كيف أن احتفاءنا بمولد (شيلة) يفوق أضعافا مضاعفة احتفاءنا بمولد (معرفة طبية) أو (فكرة علمية) أو (نص أدبي)! فهل يستغرب بعد هذا، إن نحن تأخرنا في نتاجنا العلمي أو الفكري او الثقافي؟!

إن التنمية الوطنية التي نطمح إليها، تحتاج إلى عقول تفكر وتبدع أكثر من حاجتها إلى مخاطبة العواطف واستثارة الانفعالات، وصرف 24 مليونا على دعم أبحاث في مجال الطب والعلوم التطبيقية والتقنية، يعود على المجتمع بالرفاهية والسعادة الحقيقية، أضعاف أضعاف ما يعود به شحذ العواطف بمتعة وقتية سرعان ما يتبدد أثرها وتزول.

إن كثيرا من المشكلات الاقتصادية والصحية والتقنية والاجتماعية التي نعاني منها، يمكن لنا أن نجد لها حلولا من خلال تشجيع البحث في العلوم التطبيقية والتقنية، كالبحث في تقنيات الطاقة والماء والتطوير الزراعي ومكافحة التلوث البيئي ومعالجة الأمراض المستعصية وغيرها. وهي الأجدر بأن تجد منا التحفيز والدعم الذي هي أهل له.

إني لست ضد الاحتفاء بالأدب الشعبي لمن يعشقه ويرى فيه جمالا وفنا يستحق الاحتفاء به، ولكن أن يعطى لصناعته هذه المكانة العليا التي تفوق صناعة العقل، والفكر، فمسألة تحتاج إلى نظر!