-A +A
سعيد السريحي
إذا كانت العقوبات البديلة، التي تحدث الخبر الذي نشر أخيرا في «عكاظ» عن تحريك وزارة العدل لملفها، تشكل خيارا بديلا عن بعض العقوبات كالسجن على سبيل المثال، فإنها في الوقت نفسه تشكل خيارا لا بد من اللجوء إليه واعتماده حين يتعلق الأمر بعقوبة الجلد التي توسع بعض القضاة في الحكم بها كعقوبة تعزيرية يتم اعتمادها على مرتكبي الجرائم والجنح التي لم يرد نص في تحديد العقوبة التي تتخذ تجاه من يرتكبها.

وإذا كان لعقوبة الجلد في التشريع الإسلامي أصلها في الحدود التي حددها الشارع والمتمثلة في جرائم الزنى من غير المحصن والقذف والسكر وتبلغ أقصاها مائة جلدة للزاني غير المحصن، فإن عقوبة الجلد في غير هذه الحدود الثلاثة لا تخرج عن كونها مجرد اجتهاد من القضاة لهم في غيرها مندوحة عنها، إضافة إلى ما يعمد إليه بعض القضاة من توسع في تطبيق هذه العقوبة حتى تبلغ آلاف الجلدات، وهو تزيد لا معنى له، فإذا كان الشارع لم يتجاوز في عقوبة الزنى، رغم بشاعة الجريمة، مائة جلدة فكيف جاز للقاضي أن يحكم بأضعاف ذلك في جنح لا تقاس بفداحة جرم الزنى.


وإذا كان القانون الدولي ينظر إلى عملية الجلد على اعتبار أنها ضرب من ممارسة التعذيب التي تتعارض مع حقوق الإنسان وتتنافى مع كرامته، فإن من المتوجب على وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء أن يعيد النظر في عقوبة الجلد، فما هو حدٌ منها يتم تطبيقه رضيت جماعات حقوق الإنسان أو غضبت، أما ما هو عقوبة تعزيرية لا تخرج عن أن تكون اجتهادا فإن الأولى إيجاد عقوبة بديلة له، ولعل إيقاف اعتماد الجلد كعقوبة تعزيرية هو الحل الأمثل لوضع حد لتعسف البعض وحكمهم على مرتكبي بعض الجنح والجنايات بمئات وآلاف الجلدات التي لا نجد لها أساسا في الشرع ولا عذرا أمام الجهات المدافعة عن حقوق الإنسان.