-A +A
حمود أبو طالب
بدلا من شعوري بالأسف لموقف أحد أعضاء مجلس الشورى الغاضب العاصف من توصية ثلاثة من زملائه بدمج هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وزارة الشؤون الإسلامية، كما نشرت «عكاظ» يوم أمس، واستناده في هجومه عليهم إلى آراء أحد كبار المتشددين المناوئين للتوجهات والقرارات الإصلاحية، وآخرها ثورته الهائجة بسبب تعيين عميدة لكلية الطب بجامعة الطائف، بدلا من الأسف على ما حدث فقد شعرت بارتياح لأن مثل هذه المواقف والمفارقات تكشف لنا حقيقة فكر بعض الموجودين في المجلس عندما يستفزهم أمر يتعارض مع فكرهم، وهذا أفضل من استمرار صمتهم الذي لا يمكننا من معرفة توجهاتهم وانتماءاتهم وقناعاتهم الفكرية، فنستمر مخدوعين فيهم بظننا أنهم سيساهمون في تطوير مجتمعنا وتمدينه ومساعدة الدولة في تحقيق رؤيتها وبرامجها الطموحة بينما هم يريدون لنا البقاء تحت وصاية الجمود والانغلاق الذي حولنا إلى بحيرة آسنة تطفو عليها الطحالب الفكرية برائحتها الكريهة.

سعادة العضو نسي أنه في مجلس مهم له أنظمته وقوانينه لأن الإيديولوجيا الفكرية أقوى من القدرة على ضبطها عندما يستفزها فكر آخر بغض النظر عن اعتبارات المكان، فتنفجر كالقنبلة غير الموقوتة أو كاللغم الذي لامسه عابر. لقد خالف العضو نظام المجلس مخالفة صريحة ليس بالاعتراض على توصية ما زالت في اللجنة المختصة بل بالهجوم العنيف عليها وعلى أصحابها، ومع ذلك فقد أعطاه رئيس الجلسة ونائب رئيس المجلس الفرصة كاملة لقول ما يشاء حتى انتهى، ولكن عندما طلب التعليق أحد مقدمي التوصية الذين نالهم الهجوم الكاسح تحت سمع وبصر رئيس الجلسة لم يسمح له، وهنا مشكلة أكبر من مشكلة هجوم العضو المعترض.


يقول العضو الثائر على التوصية إنه لو كانت أسبابها تنظيمية فذلك سيؤدي إلى المزيد من الحد من صلاحيات الهيئة التي بدأ مجتمعنا يعاني من الحد من صلاحياتها أصلاً، وإن كانت الأسباب مالية فإن الإنفاق على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس تكميليا، بل من أوجب الواجبات وأولى الأولويات، وهو سبب التمكين في الأرض والنصر. يقول ذلك وكأن الدولة لا تنفق بسخاء على الهيئة منذ إنشائها، أو كأن الهدف من فكرة الدمج إلغاؤها، وعند استحضاره لآراء شيخه المتشدد في هذا الموقف واستشهاده بها تكون التهمة الجاهزة في ذهنه ضد زملائه واضحة وهي التغريب وطمس معالم الدين وتهميش شعيرة الأمر بالمعروف.

وبودنا أن نسأل سعادة العضو الشوروي عن المعاناة التي بدأ المجتمع يواجهها نتيجة ما أسماه الحد من صلاحيات الهيئة، بينما هو تنظيم عملها. ماذا رأيته ولم نره وسمعته ولم نسمعه، قل لنا من فضلك. كما نريد سؤاله عما يقصده بـ«التمكين في الأرض والنصر».. ألا يلفت انتباهكم هذا المصطلح أيها القراء والقارئات إلى شيء خطير، وخطير للغاية إذا تذكرتم الذين ابتدعوه وجعلوه هدفهم الأساسي الذي يبررون به كل ممارساتهم؟..

تكلموا، فضفضوا يا أعضاء الشورى حتى نعرف بعضكم على حقيقته..