-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
تشهد الأيام المقبلة في الشقيقة الأردن، انعقاد قمة عربية جديدة، نستطيع أن نحدد من الآن، بيانها الختامي، الذي لن يخرج عن التنديد، والدعوة إلى كذا وكذا، والاستنكار، والتأكيد، وما شابه ذلك من عبارات اعتدنا سماعها في أعقاب كل قمة من القمم الماضية، وما أحوجنا إلى اتخاذ الجامعة العربية وقممها قرارات حاسمة ذات طابع عملي، وقد بلغت الروح الحلقوم مما يحدث في كثير من بلدان العالم العربي، أعضاء الجامعة الموقرة.

الواقع العربي مؤلم بحق، فالأراضي السورية أصبحت كلا مستباحا، للروس، وإيران، والجماعات المسلحة، وداعش، وأخيرا إسرائيل.


والعراق ما زال يعاني ليس من الدواعش فحسب، بل من الانقسام والصراع الطائفي الذي يتجسد في المعارك الضارية، وفي تلك التفجيرات الدموية التي يروح ضحيتها المئات.

وعن ليبيا، حدث ولا حرج، صراع على السلطة وبسط النفوذ، يسعى الفرقاء لمزيد من الانشقاق، للوصول إلى تقسيم البلاد، تحقيقا لأطماع شخصية، وتنفيذا لرغبات أجنبية، باتت تحرك أطراف الصراع كالعرائس الكرتونية والورقية على مسارح الأطفال.

أما اليمن الشقيق، فهو لا يواجه مجرد تمرد مجموعة من أبنائه، بقدر ما يعاني من تدخل إيراني سافر، يسعى لبسط الهيمنة والسيطرة على البلاد، حتى يحقق هدفه في محاصرة دول الخليج من الجنوب والشرق والشمال، وإعادة أحلام إمبراطورية فارسية عفا عليها الزمن.

حتى في جنوب السودان، الذي ظل يقاتل حتى يستقل عن الأم، تقتتل قبائله من أجل السلطة، والشعب فيه يعاني من المجاعة، وكأنهم أرادوا الاستقلال، حتى يموتوا جوعا.

ولا ننسى مشكلة الجزائر الشقيق مع من يريدون الانفصال، وموقف المغرب المشابه لذلك، وانقسام العرب بين مؤيد ومعارض للبوليساريو والأمازيغ وغيرهم.

أما موريتانيا والصومال، فلم تهنأ أيهما باستقرار وأمن منذ سنوات، نتيجة تلك الجماعات الإرهابية المسلحة.

ومحاولات زعزعة أمن الخليج، وما نشهده في البحرين من تدخل إيراني سافر، لا يخفى على أحد، ولا تكفي الإدانات لمعالجته.

هذا هو واقع الدول العربية المرير، وهو ليس بجديد على مؤتمرات القمة التي تعقد كل عام هنا وهناك، ومع أنني غير متفائل على الإطلاق من نتائج القمة القادمة، فلم أفقد الأمل بعد، في أن يغير الله تعالى من حال الجامعة العربية، وأن تصل إلى حل لهذه المشكلات التي قسمت العالم العربي، تحقيقا لأجندات ومخططات غربية معلن عنها صراحة، وأن تتمكن الجامعة من امتلاك حرية اتخاذها لقراراتها.

قضية فلسطين لم تغب يوما عن مؤتمرات القمة العربية، وفي نفس الوقت لم تحظ على الإطلاق بعمل إيجابي يردع العدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية، أو يوقف السياسات الاستيطانية الاستعمارية للأراضي الفلسطينية.

الواقع مرير بحق، والمأمول كثير للغاية، لكن هل تشعر الجامعة العربية بشعوبها، وبحاجتهم للاستقرار والاستقلال؟!

لا أعتقد ذلك.