-A +A
سعيد السريحي
حديث رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى على هامش مناقشة المجلس للمادتين ٧٧ و٧٨ من نظام العمل حديث ينقض أوله آخره، رغم محاولة رئيس اللجنة الصديق الدكتور عبدالله الفوزان الحرص على التروي والحكمة في حديثه عن هاتين المادتين اللتين بقيتا موضع إشكال بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص ومن يعمل في تلك الشركات من الموظفين والعمال، الذين رأوا في هاتين المادتين خطرا يتهدد مستقبلهم الوظيفي ويمنح تلك الشركات صلاحية مفتوحة بإنهاء خدماتهم. وقد جاء حديث رئيس اللجنة في أعقاب اللقاء الذي جمع بين رئيس مجلس الشورى وعدد من المواطنين وتلقي مجلس الشورى أكثر من ٨٠٠ عريضة عبر موقعه وبريده الإلكتروني يطالب من بعثوا بها المجلس بمراجعة هاتين المادتين وحماية الموظفين والعمال من سوء استخدامهما.

رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب أشار في حديثه الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس إلى أن المجلس جهة تشريعية وليست جهة تنفيذية، وذلك أمر لا يحتاج إلى إشارة، والذين لجأوا إلى المجلس إنما لجأوا إليه نتيجة تضررهم من نظام تقع مسؤولية مراجعته على عاتق مجلس الشورى بصفته جهة تشريعية.


وأضاف رئيس اللجنة بأسلوب ينضح بالحكمة والتعقل «الموضوع لا يزال قيد الدراسة، دراسة متعمقة ومتأنية تراعى فيها جميع الأطراف المعنية بهذه المسألة، ولا يجب أن يتم فيه إرضاء طرف على حساب طرف آخر، والمجلس يجب أن يكون عادلا أمام صاحب العمل والموظف، ويجب أن نكون حريصين على ألا نتخذ أي إجراءات انفعالية تحت الضغط»، وكل ما قاله أمر لا غبار عليه، غير أن عاصفة من الغبار تثور حين ينفي الرئيس نفسه أن يكون لدى اللجنة المعنية بدراسة المسألة أي إحصاءات رسمية عن أعداد المواطنين الذين تم فصلهم بموجب المادتين، ما يطرح سؤالا عن الكيفية التي يمكن أن تتحقق بها «الدراسة المتأنية العميقة» التي وعد بها في غياب هذه المعلومات التي تنبغي معرفتها من أجل معرفة الأثر الذي تركته هاتان المادتان واحتمال التعسف الذي مارسته الشركات في استخدام الصلاحية التي منحتها لها المادتان موضع الخلاف.

غياب هذه الإحصاءات الدقيقة عمن فصلوا وأسباب فصلهم يعني سقوط الدراسة في جانب تنظيري مفصول عن واقع التطبيق، وهذا يعني أننا سوف نكون أمام دراسة ليست متأنية ولا عميقة ويجعل آخر حديث رئيس اللجنة ينقض أوله.

والسؤال الذي يشكل غصة في الحلق: كيف يبقى مجلس الشورى جاهلا بهذه الإحصاءات بعد أسابيع عدة من لقاء رئيسه بالمواطنين وتلقيه أكثر من ٨٠٠ عريضة شكوى؟ ألا يشعر مجلس الشورى بأهمية تلك الإحصاءات، وتقصيره في حق من اجتمع بهم وتلقى معاريضهم ثم تركهم يدندنون: يا ليل ما أطولك.