-A +A
عزيزة المانع
شغلت وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية بالحديث عن المعلمة الكندية ماجي ماكدونيل، التي فازت بجائزة المعلم العالمية، التي تمنحها سنويا مؤسسة فيركي في دبي لأفضل معلم في العالم، وتبلغ قيمتها مليون دولار، وهي قيمة كبيرة جعلت الإعلام العربي والغربي يهتم بالجائزة وينشغل بالحديث عنها وعن الفائزة بها.

أن تحوز معلمة على لقب (أفضل) معلم في العالم، أمر يثير الفضول لمعرفة ما الذي فعلته هذه المعلمة كي تنال هذا اللقب؟! ما هو الإنجاز الذي حققته وجعلها جديرة بأن تتجاوز آلاف الأسماء المرشحة للفوز وتخطف هي وحدها اللقب؟!


مدفوعة بهذا الفضول أخذت أقلب صفحات الإنترنت (العربية) بحثا عن إجابة، فلم أجد شيئا يروي تعطش ما أحمل من فضول. لكني لما انتقلت إلى (الإنجليزية) وجدت وصفا دقيقا مفصلا لعمل هذه المعلمة الجديرة حقا بالفوز.

إعلامنا العربي كعادته في مثل هذه المناسبات، احتفى بالفوز وشخص الفائز ونسي الاحتفاء بالعمل نفسه الذي هو موضع الاحتفاء. تحدث الإعلام عن كل شيء يتعلق بهذه الجائزة، عدا العمل الذي أهل صاحبته للفوز.

تحدث عن أسماء الذين حضروا حفل تسليم الجائزة، ومقدار قيمتها، والشخص الذي سلمها والشخصيات المعروفة التي شاركت في الحفل، والذين هنأوا الفائزة بالفوز. ومعلومات كثيرة أخرى مثل هذه، واسعة ومفصلة، عدا الحديث عن ماهية العمل الفائز، ولم استحق الفوز، فهذه المعلومات حسب ما يظهر، يراها الإعلام (ثانوية) لا تهم أحدا، فالناس (في حكمه) يهمهم أن يعرفوا أن محمدا بن راشد هو الذي سلم الجائزة للمعلمة الفائزة، وأن رئيس وزراء كندا ورئيس وزراء إيطاليا هنآها، وأن رائد الفضاء بيسكيه بعث لها تهنئته من مداره الفضائي وأن الأمير هاري بعث لها تهنئته مسجلة، وأن شخصيات كبرى عالمية حضرت الاحتفال بتسليم الجائزة، هذه المعلومات (في حكم الإعلام) هي التي تستحق أن تبرز وأن يعرفها الناس، أما العمل الذي استحقت الفائزة الجائزة بسببه، فليس مهما الحديث عنه!!

غاب عن الإعلام أن الغاية من مثل هذه الجوائز، هي تسليط الضوء على التجارب المميزة في التعليم، لاكتساب مهارات جديدة وإثراء الخبرات التربوية لدى المعلمين، وأن المنطق يقتضي الحديث بصورة مفصلة ودقيقة عن الإنجاز الذي قامت به هذه المعلمة ومدى الجهد الذي بذلته في سبيل تحقيق رؤيتها وبلوغ أهدافها، فيتعلم الآخرون من ذلك ويكون لهم حافزا مشجعا على تطوير أدائهم وإتقان عملهم.

يوم غد لنا لقاء لعرض موجز للعمل الذي قامت به هذه المعلمة المتميزة، واستحقت عليه الفوز مكتسحة آلاف المتقدمين لنيل الجائزة.