منصور عطي
منصور عطي
حمد الرشيدي
حمد الرشيدي
-A +A
أروى المهنا (الرياض)
arwa_almohanna@

يناقش مهتمون سعوديون في الفلسفة مفهوم «الهرمينوطيقا»، يرون أن كل فكرةٍ فلسفة تكشف أبعاداً فلسفية أخرى، وأن مناقشة مثل هذه المصطلحات الفلسفية تدعّم الحركة الفلسفية في المملكة، إذ انطلقت الحلقة الفلسفية في الرياض، وبدأت تجد لها رواجاً بين مهتمين من الجنسين.


من جهته، يرى الباحث منصور عطي أن هذا المفهوم يعود بتعريفه العام إلى التفسير أو التأويل «هو إظهار حقيقة اللفظ أو مجازا في معناه المعجمي أو السياقي، أما التأويل هو إظهار باطن اللفظ أي خروجه عن معناه اللغوي المعروف في عرف اللغة والتأويل لا يجوز عند المفسرين للكتاب والسنة»، مبيناً أن «القرآن عربي وكذلك الحديث فلا يخرج عن مضمونه اللغوي حقيقة أو مجازا كما تعارف عليه أهل اللغة في زمان النزول والقول».

فيما يوضح الكاتب حمد الرشيدي أن مصطلح الهرمينوطيقا مصطلح قديم وهو في الأساس كان محصورا في معنى ديني صرف يتعلق بعلم اللاهوت لدى اتباع الديانة النصرانية، والمقصود به معرفة الأسس والمعايير التي ينبغي أن يفسر بموجبها النص الديني كما نصوص الكتاب المقدس على حد وصفه «كثير من المتقدمين من العلماء والمفكرين قد حددوا مفهومهم لهذا المصطلح على أنه علم التأويل أو التفسير» وكان ذلك خلال منتصف القرن السابع عشر الميلادي أما فيما تلا ذلك من العصور اللاحقة فقد أخذ مصطلح «الهرمينوطيقا» بالانتشار فتوسع الأدباء والمثقفون والمفكرون في العصر الحديث باستخدامه حتى انتقل من مدلوله الديني الضيق القديم ليكون ذا مدلول أوسع وأشمل، موضحاً أن المفهوم أصبح مشتملا على تفسير النصوص الأدبية والتاريخية والعلوم الأخرى ذات العلاقة كالاجتماع والفولكلور والفنون الجميلة.

ويؤكد الباحث حسن الشريف أن المصطلح يعود إلى بدايات العصر الإغريقي كلمة «هرمينوطيقا» التي تعني فن التأويل، أي تأويل أفعال الإنسان وما ينتج عنها من نصوص ورسومات وكأي حقل معرفي آخر على حد وصفه. مبيناً أنه مع مرور الزمن شهدت الهرمينوطيقا عدة تطورات، كان ما حملته العصور الوسطى من إشكاليات كبرى في تفسير الإنجيل محفزا رئيسيا لأحد تلك التطورات وفيها نتج ما يعتقد أنه أول كتاب نظامي للهرمينوطيقا، لمؤلفه جون دانهاور ١٦٣٠، ويهدف إلى تحديد المعنى الصائب للنصوص المقدسة مستعينا بالمنطق الأرسطي. أما القفزة الكبرى لهذا المفهوم يرجعها الشريف إلى الأب الروحي لمفهوم الهرمينوطيقا الفلسفية «شلايرماخر» حيث انتقل بغرضها من النصوص الدينية إلى النصوص بشكل عام وبأسئلتها من مجرد تفسير النصوص إلى الفهم «هذه النقلة جعلتها تحتل مكان الابستمولوجيا بالنسبة لفلاسفة الهرمينوطيقا.

ويرى الشريف أن احتلال الهرمينوطيقا لمساحات في الابستمولوجيا تمدد مع هايدغر وتلميذه غادامير إلى الأنطولوجيا عندما تم تغيير السؤال من كيف نفهم إلى ماهية الفهم، منبهاً إلى أن الفهم لدى هيدغر نوع من أنواع الوجود «الفهم ليس شيئا نمتلكه بل شيئا نكونه».