-A +A
حمود أبو طالب
من الشرق إلى الغرب، من الملفات السياسية والاقتصادية الدولية في عواصم كبريات الدول وتوثيق العلاقات الثنائية معها إلى دولة شقيقة تتميز علاقات المملكة معها بالخصوصية والعمق التأريخي والتنسيق المشترك عبر مسيرة التأريخ العربي الحديث بكل ما اكتنفه من ظروف وأحداث. إذ لم تمر أيام قليلة على عودة الملك سلمان من زيارته التأريخية الطويلة للدول الآسيوية حتى بدأ يوم أمس زيارته للمملكة الأردنية الهاشمية في توقيت دقيق وظروف حساسة تسبق القمة العربية التي ستعقد غدا.

هناك أكثر من جانب مهم في هذه الزيارة، فالأردن يستضيف قمة للقادة العرب في مرحلة من أصعب المراحل التي يمر بها العالم العربي، وقد لاحت في الأفق قبل انعقادها بعض الأمور التي يمكن أن تكون خلافية، أو ربما لا تصب في مصلحة الوضع العربي الراهن، هذا إذا لم تزده تعقيداً، ولربما هناك من يهمه إقحامها في القمة لإرباك آمال التوافق التي تتطلع إليها الشعوب العربية. ولذلك فإن التنسيق المتوقع بين الملك سلمان الذي يمثل دولة عربية كبرى أخذت على نفسها صيانة الكيان العربي من التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية والحفاظ على سيادته وانتشال بعض دوله التي سقطت في أتون الاحتراب والإرهاب والفوضى وأصبحت ساحات مفتوحة لدول وعصابات وميليشيات وتجار حروب، هذا التنسيق السابق للقمة مع الدولة المضيفة ممثلة بزعيمها الملك عبدالله الثاني، وهي الدولة الجارة المستقرة في حزام ملتهب، يمثل أهمية قصوى وصمام أمان للخروج بأكبر قدر ممكن من التوافق على الحلول وأقل قدر من الاختلاف إزاء بعض الملفات. ولعل الزعيمين يستطيعان من خلال تنسيقهما ورؤيتهما المشتركة استقطاب الآخرين لتوحيد الموقف العربي حول حماية أمنه وإنقاذ دوله من أسوأ الأوضاع التي تمر بها.


وبلا شك فإن ملفات ثنائية أخرى سيتم بحثها تختص بالتعاون والتنسيق في ملفات سياسية واقتصادية وثقافية وتعليمية وصحية وغيرها، على اعتبار أن الأردن شريك وشقيق عربي تأريخي ما زالت مؤسساته تتطور رغم الأوضاع الصعبة المحيطة به، وما زالت دولته تبني لبنات المستقبل رغم وقوعها على حواف البراكين، وما زالت التزامات المملكة تجاهه مستمرة في كل المجالات، ولذلك تكون هذه الزيارة ذات هدفين لا يقلان أهمية عن بعضهما، هدف عربي عام، وهدف يصب في مصلحة العلاقات الثنائية المتميزة على الدوام.

habutalib@hotmail.com