-A +A
ذكرى السلمي، شذى الحسيكي (جدة)، أمل السعيد (الرياض)
amal222424@ , shaza_alh@ , zekraalsolami@

فيما أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على لسان متحدثها الرسمي عن استهداف قطاعات عدة في خريطة توطين الوظائف من ضمنها قطاعات الصيدلة، تنفس عاطلو الصيدلة الصعداء، بعد أن عانوا طويلا من أعوام الحرمان أو شغل وظائف في غير تخصصهم.


وبدت القراءات الرسمية من الفرص التي ستتيحها الخطوة مرتفعة، إذ كشفت الإدارة العامة للتواصل والعلاقات العامة في وزارة الصحة لـ«عكاظ» عن توفير قرار توطين الصيدليات 24387 فرصة وظيفية لخريجي الصيدلة، نظرا لبلوغ عدد الصيدليات الخاصة المرخصة ترخيصا نهائيا 8129 صيدلية، فيما بلغ عدد الصيدليات التي حصلت على موافقة مبدئية 1454 صيدلية، بالإضافة إلى صيدليات المستشفيات البالغ عددها 147 صيدلية.

وقدرت وزارة الصحة متوسط من يعمل في الصيدليات التجارية بثلاثة صيادلة، ويصل أعداد العاملين في بعض الصيدليات الكبيرة إلى 10 صيادلة، وبالتالي فإن عمل ثلاثة صيادلة في الصيدليات المرخصة الحالية سيمكن هذا القطاع من توظيف 24387 صيدليا، كما يعمل في الصيدليات داخل 147 مستشفى نحو 15 صيدليا، مما يعني توظيف 2205 صيادلة، إضافة إلى وجود 1454موافقة مبدئية لصيدلية جديدة سيتم ترخيصها قريبا يمكن لها أن تستوعب 4362 صيدليا. وبدت المقولة الشهيرة «الأشجار بطيئة النمو تحمل أفضل الثمار» عزاء للعاطلات المتخصصات في الصيدلة بعد أن تنامى إلى أسماعهن نية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية دخول الصيدلة ضمن جدول التوطين في أجندة الوزارة.

وزادت وتيرة التفاؤل عند العاطلات بعد التنسيق لعمل الخريجات السعوديات من أقسام الصيدلة في الصيدليات داخل المراكز التجارية المغلقة، وترى فاطمة هزازي أن القرار كان بمثابة «تنفس الصعداء» لها ولنظيراتها العاطلات. وتقول فاطمة هزازي المتخرجة من قسم الصيدلة في جامعة الملك عبدالعزيز إنها متفائلة بالقرار، بعد أعوام قضتها في العمل بـ«استقبال أحد المستشفيات الخاصة»، مؤكدة خلق فرص للعاطلات وتصحيح مسار الصيدلانيات اللواتي يعملن خارج عملهن، في وقت لا تخفي تحفظها من عدم ملاءمة غالبية الصيدليات لتخصصها الطبي، «باتت صيدليات تجميلية لا طبية». فيما لا تجد فردوس تركستاني (خريجة صيدلة) مانعا من العمل في الصيدليات التجميلية، مشيرة إلى أن الفتيات على علم بمواد التجميل بكل تفاصيلها و تبعاتها, «لكن من الأفضل أن يكون كل شخص في تخصصه».

«الصحة» تنسق مع «العمل» لتوظيف الصيدلانيات

أكدت الإدارة العامة للتواصل والعلاقات العامة في وزارة الصحة لـ«عكاظ» عن تنسيق «عالي المستوى» بين وزارة الصحة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتوظيف خريجي الصيدلة للعمل في صيدليات المولات. وأعلنت وزارة الصحة جاهزيتها لاستقبال طلبات المستثمرين لتأنيث الصيدليات داخل المراكز التجارية ودراستها، وذلك بعد تطبيق جميع الضوابط والاشتراطات الصحية على الموظفات الصيدلانيات الراغبات في العمل في هذه الأماكن، وفق الترخيص لمهنة مزاولة الصيدلي.

وطالب مستثمرون بإعادة النظر في شرط المسافة بين الصيدليات، فيما يرى عضو لجنة الصيدليات في الغرفة التجارية والصناعية بجدة إبراهيم بدوي في شرط المسافات تحويل قطاع الصيدلة إلى ساحة منافسة، «فنجد في الشارع الواحد ما يقارب ست صيدليات». ومن جهته، يتفق المستشار الدوائي الدكتور أنس زارع مع ما ذهب إليه بدوي ويضيف أن انتشار الصيدليات في الشوارع تزيد مما يزيد النزعة التجارية فيها، وإغفال الغرض الإنساني من افتتاحها وهي توفير المنتجات الطبية والدوائية للمريض بالقرب من مقر عمله أو سكنه، وقد أصبح هناك تنافس شديد بين الصيدليات من حيث المساحة والديكورات، وتوفير منتجات التجميل وغيرها.. وأضاف زارع: حولت وزارة الصحة مهنة الصيدلة لعمل تجاري بحت بعد إلغاء شرط المسافة بين الصيدليات، ولا أرى الجدوى من هذا القرار ! إذ أن هناك معايير عالمية في قطاع الصيدليات، فمن المفترض أن تخدم الصيدلية الواحدة 4 إلى 5 آلاف نسمة، وليس العكس..

وفي إطار قرار توظيف الصيدلانيات في صيدليات المولات أكد بدوي أن هذه الخطوة إيجابية وسوف تكوّن أصداء إيجابية، مضيفاً: «هناك العديد من الاشتراطات لتوظيف الصيدلانيات أهمها وجود أكثر من صيدلانية في المكان ذاته، وتهيئة البيئة المناسبة لهن، وتوفير غرف استراحة ومصليات وغيرها من الاشتراطات، وأرى أن المستثمرين يشجعون هذه الخطوة نظراً لالتزام النساء بشكل عام في أداء مهماتهن على أكمل وجه».

العمل في صيدليات المجتمع.. الكي آخر العلاج

تبدو بيئة العمل الصيدلي في القطاع الخاص مرت بمراحل تطور لافتة، إذ أكد عدد من العاملين في الصيدليات التجارية تراوح الأجور الشهرية (الراتب الأساسي) بين 3500 و6000 ريال، فيما يعتمد الصيادلة على نسبة المبيعات، ورغم أن أجر العمل المادي لا يغطي طموحات الشاب جديد العهد بالتخرج، بيد أنها أفضل بكثير من الأعوام السابقة.

ويوضح عدد من العاملين في الصيدليات التجارية في حديثهم إلى «عكاظ» أن الحوافز تعتمد على نسب متفاوتة من المبيعات، مشيرين إلى أن بعض الصيدليات الكبيرة ترفع نسبة الحوافز في منتجات معينة تدر لها أرباحا كبيرة.

وتعزف صيدليات عن توظيف السعوديين بحجة ارتفاع مطالباتهم المالية، مقابل الصيدلي الأجنبي الذي لا تتجاوز تكلفة مرتبه السنوي 48 ألف ريال (أربعة آلاف شهريا) ويرى عاطلون تخرجوا من كليات صيدلة أن الأرباح الكبيرة التي تحققها الصيدليات لم تفلح في توظيفهم بمرتبات معقولة. ويوضح أحد خريجي الصيدلة من جامعة الملك عبدالعزيز ويعمل حاليا مندوبا للمبيعات أن قطاع الصيدلة شكل له احباطا كبيرا بعد تخرجه، مشيرا إلى أنه حين تخرج في وقت لم يكن احتياج القطاعات الحكومية وصيدليات المستشفيات الخاصة كبيرا أمام أعداد الخريجين. واستبعد «الرد السريع» على طلبات التوظيف في صيدليات المجتمع (التجارية)، فيما بين زميل له في الدفعة أن الإقبال كان ضعيفا على صيدليات المجتمع، بيد أنه بعد صعوبة الحصول على وظائف في المنشآت الحكومية والمستشفيات التجارية، وتوجه الخريجين إلى الصيدليات التجارية التي لا تبدي ترحيبا بهم. وأشار إلى نقطة يراها «جوهرية» قائلا «شركات الأدوية المحلية التي تحظى بامتيازات حكومية لا توظف الخريجين إلا بشرط وجود الخبرة، هذا أمر مجحف، كيف أكسب خبرة وأنا تخرجت للتو من الجامعة، أتفهم شرط الخبرة في شركات الأدوية العالمية، لكن ماذا عن الصغيرة؟».

فيما يرى هاني الذي درس سبعة أعوام في صيدلة جامعة الملك عبدالعزيز أن تجربة العمل في الصيدليات التجارية لا تبدو مشجعة، موضحا «عملت في إحدى أكبر الصيدليات التجارية كمساعد صيدلي وكان راتبي وقتها 2500 ريال (أساسي)، وهو لا يساوي شيء أمام ساعات العمل الطويلة».

ويؤكد أن العمل في القطاع الخاص وخاصة المستشفيات يحتاج إلى «واسطة»، مستدلا بحالته «قدمت على كثير من الجهات الحكومية والخاصة، ولكن وجدت نفسي بلا عمل، أن أعمل مساعدا لصيدلي رغم حملي للبكالوريوس خير من أن أغرق في البطالة».

ويؤكد عائض أن الوضع المادي غير مشجع في الصيدليات الخاصة، رغم المكاسب الكبيرة التي تحققها، مستدركا «العمل في الصيدليات مفيد لي في ممارسة تخصصي واكتساب خبرة وإن لم أكن راضيا عن المردود المادي».

واعتبر عدد من المتخصصين في الصيدلة في توجه وزارة العمل لتوطين قطاع الصيدلة ضمن عدة قطاعات مستقبلا جاء تحقيقا لمطلب ملح في ظل أعداد الخريجين الذين يأملون ممارسة مهنتهم. وترى ريم عبدالله التي تعمل بإحدى الصيدليات أن سَعوَدَة الصيدليات سيسهم في حل مشكلة الصيدلانيات العاطلات والعاطلين عن العمل ولكن بشكل جزئي بالنظر إلى مدى قبولهم للعمل بالصيدليات الخاصة ومقدار الرواتب المقدمة لهم. وتقترح هند (خريجة صيدلة وعاطلة عن العمل) أن تحدد ساعات العمل في الصيدليات الخاصة، وأن يمنح العاملون بإجازة آخر الأسبوع، ورأت أن التوسع في توظيف خريجات الصيدلة في صيدليات المستشفيات أو افتتاح صيدليات في الأماكن العامة، خاصة للنساء فقط أمر مشجع.