-A +A
عبير الفوزان
لم أكن أعرف أن بياض الأسنان ربما يرتبط ببياض الفكرة أيضا.. بدأت القصة بالأمس فقط عندما قررت أن أُُبيّض أسناني.. كان الأمر بالنسبة لي مجازفة، ولكني أقدمت عليها رغم نصائح صديقتي طبيبة الأسنان.. قالت: ستفرحين، ولكن ستندمين لاحقا! كنت قد أخذت الموعد مع الطبيب المختص، ولأني لا أخذل أحدا في مواعيدي حتى لو كان طبيب أسنان.. قررت المضي إلى البياض، رغم الندم.. هل سمعتم بشخص يندم قبل أن يفعل ما يستحق الندم، ورغم ذلك يفعله، لأنه ارتبط بوعد؟!.. هذه أنا.

كنت حزينة، وتمنيت لو كان موعدي غير مثبت، أو لو قابلت شخصا يحتاجه أكثر مني، لكن مثل هذه الأمور لا تحدث عندما تريدها أن تحدث.. كانت جلسة البياض أطول بكثير من جلسة كتابة مقال، تخللها ألم عارض بسبب تحسس الأسنان من المواد المبيضة.. كنت ساهمة في البياض حيث لا فكرة تراودني.. فقط محلقة في السقف خلف النظارة العسلية.. وأنتظر النتيجة، وأن يطلق سراحي كي أعود إلى البيت.


عندما انتهت جلسة البياض كان الطبيب راضيا عن النتيجة، وكنت كذلك، حيث تذكرت أسناني في سن المراهقة قبل إدمان القهوة.. لحظتها قررت ألا أتناول القهوة بتاتا.. وأحتفظ بأسنان لامعة لا تشوبها شائبة. عندما وصلت إلى البيت وقررت كتابة مقال يوم الثلاثاء.. فتحت اللاب توب.. فكرت وفكرت.. لم أجد فكرة.. فقط وجدت بياضا مريعا.. ووعدا قطعته على نفسي ألا أتناول القهوة التي تطوف بي بين رفوف الأفكار.. كان البياض مخيفا يشبه البياض في رواية العمى لجوزيه ساراماغو.. لأول مرة لا أحب البياض.. نعم لقد ندمت يا صديقتي.. أسرع مما ظننتِ.

abeeralfowzan@hotmail.com