-A +A
سعيد السريحي
ليس هناك من وضع هو أشد حرجا من وضع بعض المسؤولين الإعلاميين والمتحدثين الرسميين في بعض الدوائر الحكومية، وذلك حين يجدون أنفسهم بحاجة إلى «لملمة» بعض ما يحدث في إداراتهم التي يعملون فيها من أحداث، أو إعادة «تكييف» وتوجيه لما يصدر عن تلك الإدارات من تعاميم وما يجري على أسئلة المسؤولين في تلك الإدارات من تصريحات. المسؤولون الإعلاميون والمتحدثون الرسميون عادة ما يكونون خبراء في كيفية مخاطبة الرأي العام غير أنهم بحاجة إلى أن يكونوا خبراء في «ترقيع» تصرفات إداراتهم وكذلك تصريحات وتعاميم المسؤولين فيها.

مدير الشؤون الصحية في منطقة تبوك أصدر تقريرا جاء فيه «إيمانا بالدور الاجتماعي وتعزيز التواصل مع المسؤولين مع المسؤولين ومشايخ القبائل والأعيان ورجال الأعمال وتقديرا للدور الكبير الذي يقومون به لخدمة الوطن الغالي نأمل اهتمامكم بتلك الفئة وتقديم أفضل الخدمات لهم ولذويهم». وقد فات على مدير الشؤون الصحية أن ما يتحدث عنه من اهتمام إنما هو صحة الإنسان التي يتساوى فيها جميع المواطنين وليس حفل استقبال أو تعارف أو مناسبة اجتماعية يتصدر الحضور فيها الأعيان وشيوخ القبائل ورجال الأعمال، فاته أن هذا الاهتمام الذي هو حريص عليه ينبغي أن يكون اهتماما بكل مواطن رجلا كان أو امرأة، صغيرا أو كبيرا، من الأعيان أو عامة الناس الذين يولدون ويعيشون ويموتون لا يعرفهم أحد ولا يعرفون أحدا، فاته ذلك كله وأصبح من حق الناس جميعا أن يروا في ذلك التعميم تمييزا لا غبار عليه.


وكم كانت مهمة المتحدث الإعلامي إعادة تأهيل تعميم المدير فقد راح يتحدث عن أن المقصود هو إبلاغ مدير العلاقات في حال تنويم أي شخص من هذه الفئة وليس التمييز في الخدمة بينهم وبين المواطنين، غير أننا إذا ما أعدنا قراءة التعميم ثانية وتوقفنا أمام عبارة «تقديم أفضل الخدمات لهم ولذويهم» كان لنا أن نهمس في أذن المتحدث الرسمي: الله يعينك بس ترى فيه شيء يترقع وشيء ما يترقع.