-A +A
هاني الظاهري
Hani_Dh@

قبل أن يغادر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما البيت الأبيض بسنة كاملة نشرت مقالة في هذا المكان بعنوان «العرب بحاجة جمهوري في البيت الأبيض» قلت فيها نصا: «المأساة السورية التي مازالت متفجرة كأكبر جرح نازف في تاريخ الجسد العربي لم تكن لتستمر كل هذه السنوات لو أن الجمهوريين يحكمون أمريكا، سبب استمرارها الحقيقي هو ضياع هوية وبوصلة السياسة الخارجية للديمقراطيين الذين يعانون من فوبيا تحريك عتادهم العسكري في أي مكان خارج حدودهم..


قرار الرئيس الجمهوري الشجاع دونالد ترمب بضرب قاعدة الشعيرات السورية (التي انطلقت منها طائرات الديكتاتور بشار الأسد لارتكاب مجزرة خان شيخون الكيماوية) قرار تأخر نحو ست سنوات، لكنه جاء أخيراً ليؤكد أن شرطي العالم أفاق من غيبوبته الطويلة وقرر أن يرسل 59 تحية للشعب السوري في ليلة واحدة، والقادم أعظم كما هو متوقع.

لم يجتمع ترمب قبل اتخاذ قرار الضربة بالمستشارين السياسيين الذين اعتمد عليهم منذ توليه منصب الرئاسة، ولم يذهب للكونجرس لطرح الأمر للتصويت، اجتمع بشخصين عسكريين فقط على هامش لقائه بالرئيس الصيني في منتجعه مار-إيه-لاجو بولاية فلوريدا هما (مستشار الأمن القومي الأمريكي ماكماستر ووزير الدفاع جيم ماتيس) اللذان عرضا عليه بدورهما ثلاثة خيارات للرد على جريمة خان شيخون أولها كان «ضرب رأس الأفعى» ويعني توجيه ضربة جوية مباشرة لقصر بشار الأسد في دمشق، والخيار الثاني توجيه ضربة شاملة للقواعد العسكرية التابعة للنظام، أما الخيار الثالث الذي وافق عليه مباشرة فكان ضرب قاعدة الجريمة الكيماوية «الشعيرات»، ولم يستغرق الأمر سوى ساعات حتى دُكت تلك القاعدة بـ 59 صاروخ توماهوك دفعة واحدة.

جاءت الضربة محددة وسريعة كرسالة صغيرة واضحة للروس والإيرانيين وحليفهم الأسد فحواها: «انتهى وقت اللعب ولن يُسمح باستمرار الجرائم الكيماوية بحق الشعب السوري بعد اليوم»، ويبدو أن الروس فهموا الرسالة جيدا وبدأوا في مراجعة خياراتهم للتعامل مع الوضع الجديد سياساً وعسكرياً، أما الإيرانيون فانخرطوا في لطميات الشجب المعتادة، مع أنهم يدركون أن موعد تحول اتجاه الصواريخ الأمريكية نحو طهران أصبح قريباً أكثر من أي وقت مضى، ولذلك ليس أمامهم سوى محاولة إطالة أمد الأزمة السورية قدر استطاعتهم لأن نهايتها تعني التفرغ التام لتخليص الشرق الأوسط من شرور نظام الملالي وطي صفحته السوداء إلى الأبد.

الورقة الوحيدة التي يلعب بها الأسد والإيرانيون حاليا هي ورقة الإرهاب لمحاولة كسب الوقت ولذلك لن يكون مستغرباً أن تقع خلال الأيام القادمة عمليات إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة يتبناها تنظيم داعش من سوريا، لكن ذلك لن يفيد حلف بشار في شيء، فالعالم تيقن أن حل الأزمة السورية والقضاء على الإرهاب عملية لن تنجح أبداً في ظل وجود هذا النظام الإرهابي.

c@news-sa.com