-A +A
سعيد السريحي
لا يغيظني إلا أولئك المحللون والساسيون الذين يتحدثون عن سوريا باعتبارها دولة ذات سيادة على أرضها في مقام رفضهم للضربة الأمريكية التي وجهتها للقاعدة التي انطلقت منها الطائرات لضرب خان شيخون بقنابل الغاز السام، ولست أظن أن أولئك المحللين والسياسيين يجهلون أنهم يتلاعبون بالكلمات ويعزفون على مفاهيم متهافتة، غير أنني أشك في أنهم يعلمون أنهم قد فقدوا مصداقيتهم لدى من يقرؤونهم ومن يستمعون لهم.

ليس بوسع أحد أن يتحدث عن مفهوم السيادة الوطنية إذا ما اتصل الأمر بسوريا، فقد أصبحت الأرض السورية مرتعا للدول والأحزاب والجماعات، مستباحة من الحرس الجمهوري الإيراني وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي ومن يتحرك تحت غطاء هذه الأحزاب والجيوش من أفغان وباكستانيين وغيرهم، كما هي مستباحة من قبل الجماعات الإرهابية وعناصرها الذين تجمعوا من شتى بقاع الأرض تحت قيادة داعش وجبهة النصرة، فضلا عن التدخل الروسي والتركي والكردي، ما يجعل منها دولة مستباحة على نحو يصبح الحديث معه عن السيادة الوطنية على الأرض السورية فضولا من القول الذي لا معنى له. وليس لمفهوم السيادة الوطنية أن يتجزأ بحيث يجوز للرئيس السوري ولحزبه الحاكم أن يأذن لمن يشاء ويستدعي من يشاء لكي يهبهم الوطن يستبيحونه كما يشاؤون ثم يتأنى بعد ذلك بسيادة وطنه أو يستنكر استباحة أخرى لمن لم يأذن له باستباحة أرضه فسيادة الوطن لا ترتهن لرغبة الرئيس ومصالحه وحين يفرط فيها فليس له الحق أن يتباكى عليها.