-A +A
حمود أبو طالب
ما زالت محاولات ضرب الوحدة الوطنية والتعايش الاجتماعي السلمي في البلدان العربية التي فشلت فيها محاولات إسقاط الدولة، ما زالت مستمرة بإذكاء نار الطائفية وضرب إسفين في اختلاف ديانات المجتمع الواحد الذي عاش متآلفا عبر التأريخ كما هو حال المجتمع المصري الذي يعيش فيه الأقباط مع المسلمين في سلام منذ دخول الإسلام مصر. وكانت حادثة الأمس بتفجير كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا حلقة جديدة في مسلسل الإصرار على تنفيذ مخطط الفتنة تضاف إلى الحوادث المماثلة السابقة، لاسيما وقد جرت محاولة أخرى في نفس اليوم بمدينة الإسكندرية لتفجير كنيسة أخرى ما يؤكد أنه مخطط مرسوم وحرب مفتوحة على مصر وأمنها وسلمها.

إنها البشاعة والخسة في أقصى أشكالها عندما يتم استهداف دور العبادة لأي ديانة، فالناس يذهبون إلى هذه الدور وهم في أمن وسلام يبحثون عن لحظات الصفاء ولا يخطر ببالهم أن هناك من بلغت به الوضاعة لاقتناص هذه اللحظات بفكر شيطاني عبثي أملا في إسالة دماء الأبرياء لتثور معها الفتنة. هذه المحاولات لم تتوقف، فقد بدأت منذ انحراف مسار الثورة في السنة الأولى عندما شاهدنا ما تم حيال بعض الطوائف التي تمثل أقليات داخل المجتمع المصري، وبعد ذلك تطور الأمر باستهداف المسيحيين المصريين ولاحقا دخل الإرهاب المنظم على الخط لإحداث شرخ كبير داخل المجتمع المصري.


إن هذه المحاولات المستمرة تمثل حربا حقيقية على مصر الدولة والكيان والنسيج الاجتماعي، وليس طائفة دون أخرى. إنه استهداف منظم في أوقات مدروسة لزعزعة الأمن في مصر وهز ثقة المجتمع بالدولة واستطاعتها حفظ الأمن لأكثر من ٩٠ مليون مصري، ولن تتوقف هذه المحاولات لأن مصر تمثل عقبة أمام مخطط الفوضى بصمودها وتماسكها الذي أفشل تحويلها إلى دولة فاشلة كما كان يطمح غربان الشؤم.

إنه يوم حزين في مصر، لكنه لن يستطيع تحقيق ما يريده القائمون وراء التفجيرات فالمجتمع المصري بغالبيته أصبح مدركا لما يراد به، وهو حائط الصد الأقوى لكل هذه المحاولات البائسة.