غلاف المجموعة
غلاف المجموعة
-A +A
سعيد بوكرامي (الدار البيضاء)
okaz_culture@

من الشعر جاء الكاتب الفلسطيني مازن معروف، فبعد تراكم شعري بدأه بـ«كأنّ حزننا خبز» و«الكاميرا لا تلتقط العصافير» و«ملاك على حبل الغسيل» يكتب مجموعته القصصية الأولى «نكات للمسلحين» التي فازت بجائزة «الملتقى» الكويتية للقصة القصيرة، ثم يليها بمجموعة قصصية جديدة صدرت هذا العام، بعنوان «الجرذان التي لحست أذني بطل الكاراتيه». عن منشورات المتوسط. تتضمن عشر قصص. وهي على التوالي: سكند هتند رايت/‏ أمعاء/‏ شوبر/‏ كابوتشينو/‏ جلو/‏ كلب عيدان الكبريت/‏غاندي المارلبورو/‏ هامستر/‏ مهنتي التي تشبه الشعر/‏ الجرذان التي لحست أذني بطل الكاراتيه. تقع المجموعة في 125 صفحة.


منذ الجملة الأولى ننساق في سرد عجيب ومؤلم، غير أن الأحداث المتعاقبة تنسج من الغرابة والعنف متعة حكائية لا فكاك منها. لأن السارد يستدعي القارئ الافتراضي كلما أتيحت الفرصة لإشراكه في الأحداث: «عندما أخرج حاتم التالول الأرنب من القبعة ميتا، أدركنا أن شيئا غير عادي سوف يحدث، سوف يحدث على الفور. وأنت لو قلبت القبعة من الداخل، كنت ستلاحظ آثار حوافر الأرنب التي علمت على نسيجها الورقي».

تسعى المجموعة إلى تعرية الواقع العربي العنيف، لكن بسخرية وسوريالية. اللغة تعتمد التداعي المستمد إيقاعه من أحداث هامشية، يولدها السارد سواء من التيمة أو الإيحاء أو المفارقة. الشخصيات مهمشة تعيش واقعا سورياليا وتحاول رغما عنها أن تتعايش معه. الشخصيات منهكة تتشبث بالفانتازيا لعلها طوق نجاة للتخلص من فضاء مميت وفظيع. من الأرنب السحري والقبعة إلى الكذب إلى الدراجة إلى الشاب السينغل إلى السقوط داخل الإبريق إلى الكلب إلى غاندي وليليان إلى الهامستر إلى الجرذان.

بعد قراءة هذه المجموعة القصصية المذهلة سيحس القارئ المهتم أن الكاتب مازن معروف يقف على مرمى حجر من التحول إلى الرواية. لأن عناصر كتابتها متوفرة في قصصه، رغم محاولته الدؤوبة إلى إخفاء أثر سارده ذي النفس الطويل. أعتقد أن التجليات الروائية ستستقطب هذا الكاتب الواعد العابر بين الأجناس الأدبية من الشعر إلى القصة إلى الرواية والمسرح وربما إلى كتابة سينمائية.