-A +A
خالد صالح الفاضلي
حقق المنتجون السعوديون إخفاقات متتالية أثناء محاولتهم بناء هرم جديد للدراما السعودية، وبصفتها صناعة، فإن الإخفاق حليف السعودية صناعياً، لذلك لا عتب على المنتج.

تجنيب العتب بعيداً عن كاهل المنتج السعودي محفوف بعدة أسباب، أولها يبلغ 30 عاماً من التجربة الفاشلة، عندما قرر التلفزيون السعودي آنذاك سعودة الإنتاج الدرامي، وعدم شراء مسلسل درامي محلي إلا من خلال منتج سعودي، ورفع فاتورة شراء المسلسلات العربية في حال وجود ممثل سعودي أو أكثر.


كانت سعودة، ونتائجها كبقية نتائج السعودة، وأصبح لدينا منتجون يمارسون ذات التستر الموجود في بقية الشارع التجاري والصناعي، تحديداً في «كتابة سيناريو المسلسل»، بدايةً من قلم «مصري» ثم «ترجمته» إلى لهجة سعودية.

أتت المسلسلات التركية، كما أتت الملابس الجاهزة من مصانع تركيا، نتدثرهما بذات الطريقة، نلبس الفكر كما نلبس القماش، لا أحد يلوم أحدا، فستر عري الشاشات التلفزيونية بمسلسلات تركية، كستر عري الجسد بملابس تركية.

صنعت لنا السنوات الثمانون الماضية مسارات جديدة في التركيبة السكانية، التركيبة الطوبغرافية (أي علاقة الإنسان مع المكان) وتسارعت بنا العوامل إلى بيئة «تجمعات» بعيداً عن أصل المعادلة «بيئة مجتمعات»، وبالتالي يصعب كتابة نص تلفزيوني ثابت عن «تجمعات متحركة».

يجد النص التلفزيوني الدرامي حياة أفضل في مجتمع الكويت، قطر، سلطنة عمان، والبحرين، أكبر مما سيجده في المجتمع السعودي، إلا إذا عاد القلم للتنفع من حقب تاريخية سابقة (وقريبة)، عاش الناس فيها مرحلة ثبات مجتمع لزمن مديد (مثلاً، الأحياء القديمة في بعض مدننا) منفوحة في الرياض، وشبرا الطائف.

أجد الأحساء، شرورة، ضباء، ثلاث بيئات قابلة للتواجد درامياً، لأن عوامل التغيير على امتداد السنين كانت بطيئة جداً، على محوري الإنسان والمكان، نقيضاً عن الرياض، جدة، والدمام.

يأخذني ذلك إلى توصية زملاء القلم - تحديداً الدرامي منه - بالتنقيب في البيئات المتماسكة مجتمعياً، وإدراجها كمشاريع درامية ترتق المفقود، وترتقي بالموجود الدرامي من القصة المصرية المحكية بلهجة سعودية.

يستمر «المسلسل البدوي خيار متاح، بشرط إبعاده عن البصمة الأردنية» نصاً وإخراجا، مع التوصية بالذهاب تاريخياً إلى ما قبل مائة سنة، وكذلك المسلسلات القروية بشرط عدم تلوينها بالصبغة السورية.

ينفتح باب البحر والصيادين على عشرات القصص، كذلك الأسواق القديمة في الجنوب، أو القصيم، بينما القصص الفردية (غازي القصيبي أنموذجاً، وعبدالحليم رضوي) وغيرهما مسلسلات تمنحنا بالإضافة إلى المتعة، المعرفة، والاعتداد.

jeddah9000@hotmail.comm