-A +A
عزيزة المانع
هناك من يلوم أمريكا أنها لم تطح بالأسد وتخلص السوريين من أذاه، وأمريكا تقدم رجلا وتؤخر أخرى في اتخاذ قرار بهذا الشأن، هي تريد أن تتأكد أولا من قيمة ومقدار ما ستحققه من المكاسب من وراء تلك الإطاحة، فهي لا تريد أن تخوض في أمر لا تضمن استفادتها منه.

لما وجهت أمريكا ضربتها الأخيرة إلى سورية، وصفت بأنها ضربة لم تحقق غاية إيجابية تخدم السوريين، وتعالت مرة أخرى التساؤلات حول فائدة هذه الضربة الأمريكية إن لم يكن هدفها إسقاط الأسد؟


بعض المحللين السياسيين ربط قيمة الضربة الأمريكية بمقدار نجاحها في تخليص السوريين من طغيان ذلك الكابوس الجاثم على صدورهم، أما إن هي لم تنجح في تحقيق تلك الغاية، فإنها لن تزيد عن أن تكون عبثا لا طائل وراءه ولا قيمة له، أي قيمة لهجوم أمريكي على سورية إن لم ينتج عنه إسقاط الأسد؟ سورية ليست في حاجة لمن يضاعف آلامها بالإسهام في نشر مزيد من القتل والتشريد والدمار.

وجهة النظر هذه، مبنية على أن الأسد هو رأس الأفعى المسببة الدمار والهلاك في أنحاء سورية، وأن بقاءه في السلطة يعني استمرار الأفعى في نفث سمها في دماء السوريين، وأنه لا يمكن إعادة الأمن والحياة الطبيعية إلى سورية إلا بالقضاء على هذا المصدر الخطير.

ولكن، من يضمن ذلك؟ من يضمن أن سقوط الأسد سيحل الأزمة؟ لقد سقط القذافي وسقط صدام حسين وسقط علي صالح وعلي زين العابدين، فهل أصلح ذاك شيئا من حال بلادهم؟

لقد هلل الناس وكبروا لسقوط أولئك الطغاة، ورأوا في الإطاحة بهم نجاة لهم وخلاصا من الهلاك، لكن الواقع سرعان ما خيب آمالهم وأضاع فرحتهم، بعد أن اندلعت في وسطهم نيران الفتنة والنزاعات والتشظي والانقسام، فقدوا الأمن والرخاء، واستحالت حياتهم إلى فزع دائم وحزن وألم لا يغيبان.

هذا لا يعني ضرورة بقاء الأسد، وإنما ضرورة تأمين السبل التي تحفظ التماسك والأمن في البلاد قبل الإطاحة به.