-A +A
عبده خال
أعلنت داعش مسؤوليتها عن التفجريين اللذين وقعا في كنيستي طنطا والإسكندرية في مصر.

فماذا تريد أن تفعله حركة داعش من كل الفوضى والدمار والإرهاب الذي أحدثته في العالم؟


إن كان الهدف خلق الرعب، فنعم فقد فاقت أعمال الدواعش المستوى الذي ظل التتار محتفظين به على مدار التاريخ، وإن كانوا في سباق لما أحدثته النازية من فرقة بين الدول حتى وصلت إلى حرب عالمية فإن الدواعش اتخذوا الدين (كأيدولوجية) مسارا لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين حتى وصل الأمر أن بعض المسلمين يخفون دينهم في الدول التي غدت تتحسس من المسلمين.. فهل كانت داعش تسعى إلى إرعاب العالم بالإسلام؟

وبعيدا عن فكرة المؤامرة في تجميل صورة داعش بأنها ربيبة دول اتخذت من الإسلام عدوا وأرادت أن تقضي عليه من خلال المنتمين له، فالدواعش وصلوا إلى مرحلة التوحش كحيوان مسعور أقبل على نهش أصحابه وكل عابر في هذه الحياة.. أي أن الحيوان المتوحش غدا خطرا عالميا الكل يسعى للقضاء عليه سواء (من رباه أو من دعمه) أو تعطيل حركته بينما لم تتمكن أي جهة بالإمساك به، ولن يمسكوا به في ظل هذه النظرة التي جسدته في شخص أو أشخاص أو جماعة، فداعش هي مجموعة من الأفكار تشكلت في صورة وحش مرعب له أنياب متعطشة للدم، وكارثة هذا الوحش أنه استنسخ من نفسه الآلاف من البشر كل واحد منهم يتعطش للدم، فداعش تمثل دراكولا العصر الذي يعيش على الدم ويكمن في الظلام لاصطياد فرائسه..

وهذه الأسطورة تتجسد الآن وإن كان الصليب وقطعة الخشب التي صلب عليها المسيح رادعا في ترويض وحشية دراكولا إن تعرضت الفريسة لهجومه، بينما واقع داعش لا يوجد لوحشيته أي رادع ديني أو إنساني بل نهضت وحشية الدواعش على قاعدة من الأفكار الدينية التي تم استجلابها من بعض كتب التراث الفقهي التي وصلت إلى هذا الزمن من غير تمحيص حتى أن هذا التراث لم يمكّن كثيرا من رجال الدين من مجابهة أفعال الدواعش بأنهم ليسوا على الدين في شيء، وظلت المماطلة من قبل بعض رجال الدين في أن الدواعش ما هم إلا فئة باغية (في استلهام كلمة علي بن أبي طالب أمام الخوارج) بينما حقيقة الأمر أن التراث الفقهي بحاجة إلى مراجعة شاملة وإعادة النظر في الأحكام الفقهية التي تجيز كل هذه الوحشية أو تلك المهادنة.

الآن، ومهما قيل عن الدواعش فإنهم لا يسمعون، فهم قد وضعوا أنفسهم داخل حزمة من التحريمات التي تحيل بينهم وبين الفهم والإدراك والتصحيح، وإيقاف هذا الوحش لا يكون بمحاولة الإفهام؛ لأن من هو خارج أفكار هذه المجموعة يعد كافرا يجب القضاء عليه، ويصبح الحل الأمني هو الطريق الأمثل في مجابهة هذا الوحش الضاري وتجفيف منابع التمويل لكي يضمر في مكانه، ثم تأتي الحلول الأخرى لتحصين أبناء المستقبل من عدم انتقال جرثومة هذه الأفكار إلى الجيل القادم.