-A +A
عزيزة المانع
يوم الثلاثاء الماضي، احتفلت جائزة الملك فيصل بالفائزين بجائزتها في فروعها الخمسة، خدمة الإسلام، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية والأدب، الطب، العلوم.

وكما يحدث غالبا استأثر الأجانب من غير العرب بجائزتي الطب والعلوم، حيث حصل عالم ياباني على جائزة الطب لتحقيقه نجاحا في اكتشاف دواء يعالج كثيرا من أمراض المناعة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب المفاصل مجهول السبب في الأطفال وغيرها من أمراض المناعة الذاتية المحفزة للالتهابات.


وفاز بجائزة العلوم عالمان آخران أحدهما سويسري والآخر هولندي وذلك في مجال (الدوران الإلكتروني) وقد أدت دراسات أحدهما إلى ولادة حقل جديد من المعارف يهدف إلى ابتكار حاسوب كوانتي يعتمد على خاصية دوران الإلكترونات، وذلك يعني بلوغ الذروة في علم الحاسبات الحديث، ومن المتوقع أن يحقق اكتشاف هذا الحقل، ثورة في مجتمع المعلومات.

من يتتبع أسماء الفائزين بهذه الجائزة المهمة في فرعيها الطب والعلوم، يلحظ أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية أو أكثر، يكاد يكون لا ذكر لأسماء عربية بينها، بل حتى الأسماء العربية القليلة التي حصلت على الجائزة في فرع العلوم هي لعلماء، وإن كانوا عربا إلا أنهم يعيشون في بلدان العالم المتقدم ويعملون في جامعاته، لا أحد منهم البتة يعيش في بلده الأصلي أو يعمل في جامعة عربية.

إن هذا يضعنا امام حقيقة مزعجة وهي أن عالمنا العربي ما زال بينه وبين خوض غمار الطب والعلوم والتقنية أمد طويل، وأن الفارق بين البلاد العربية والعالم المتقدم في ميادين العلم، ما زال كبيرا جدا.

إلا أننا مع الأسف، تقبلنا وجود هذه الحقيقة في حياتنا، على سوئها، وتعاملنا معها كما لو أنها حالة طبيعية ترتبط بموروثاتنا الجينية، لا نستطيع أن نعمل شيئا تجاهها ولا يمكن لنا الخلاص منها.

وكم هو مثير للعجب أن كثيرا من الغيورين الذين تحتد بهم النعرة وتأخذهم الغيرة عند المفاضلة في أمور مثل أصولهم وقبائلهم ونواديهم الرياضية، فتجدهم يتعصبون بشدة لكل ذلك ولا يرضون سوى أن يكونوا في المقدمة، لكنهم متى كانت المفاضلة في الميادين العلمية، يلوون رؤوسهم غير مبالين، لا يعتريهم خجل أن غيرهم تقدم عليهم وبزّهم في ميدان من أهم ميادين القوة في هذا العصر!

إن أي تقدم تحرزه البلاد العربية لا يكون مبنيا على التقدم في ميدان العلوم، لا يمكن أن يعد تقدما حقيقيا، هو تقدم هش، كالقشرة السطحية التي سرعان ما تنقشع عند أول احتكاك.

لكن العرب لا وقت لديهم للتفكير في دعم نهضتهم العلمية والعمل على مجاراة الدول المتقدمة في ما تنتجه من علوم وتقنيات، هم منشغلون بقتل بعضهم بعضا حينا، وبمتابعة اللهو والحياة المترفة حينا آخر.

azman3075@gmail.com