أحمد الزهراني
أحمد الزهراني
-A +A
أحمد بن محمد الزهراني*
يتكبد كثير من مربي الماشية في المملكة خسائر فادحة، تتسبب في خروجهم من المهنة، وهم فئة تحرص عليها الدولة لأنها كفت نفسها طلب الوظيفة، إضافة إلى أن تلك المهنة تدعم توطين مزاوليها وعدم هجرتهم إلى المدن، ويتجلى هذا الاهتمام بشكل واضح في العناية الفائقة التي توليها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بهم، إذ أفادت المنظمة بأن أكثر من 90٪ من المزارع تدار من قبل فرد أو أسرة وهي تنتج نحو 80٪ من المواد الغذائية في العالم، وتشكل نحو 70-80٪ من الأراضي الزراعية، كما أكدت المنظمة قدرة المزارعين الأسريين الكبيرة في القضاء على الجوع والمحافظة على الموارد الطبيعية، إضافة إلى أن زيادة عددهم وانتشارهم يجعلهم مصدرا آمنا للغذاء، لكن المؤسف أن المزارع الأسرية بالمملكة لا تحظى بالدعم الذي تجده نظيراتها في الدول الأخرى.

وأصبحنا نرى بوضوح اندثار المزارع العائلية وتحول غذائنا لأيدي عمالة وافدة لا تخاف الله فينا فكثرت الأمراض، ورأينا الغش بقطاع الخضار والفواكه بسبب الجشع في استخدامهم للمبيدات ومحفزات النمو لزيادة الإنتاج، ونخشى أن يأتي الدور ليتم القضاء على مربي الماشية السعوديين ليلحقوا بنظرائهم الذين فقدوا مهنتهم في إنتاج الفواكه والخضار.


والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تتفاقم مشكلة المربين يوما بعد آخر؟ ونجد أن السبب يعود إلي التشخيص الخاطىء للمشكلة! التي لا تعود إلى جهة واحدة، فغالبا ما تحول شكاوى المربين إلى وزارة البيئة والمياه والزراعة، التي لا تمثل إلا جزءا بسيطا من الحلول، كما يحتاج الاستشاريون الذين يطلعون على شكاوى المربين أن ينظروا للمشكلة بعمق أكبر، بدلا من حصر نظرتهم في أن المشكلة تخص المواشي، ليحولها إلى وزارة الزراعة.

وقد أجريت دراسة مستفيضة في المشكلة ورفعتها إلى الجهات العليا، لكنهم حولوها إلى وزارة الزراعة رغم توضيح أن مشكلتهم ليست محصورة بيدها، ولاحظنا بعض التحرك والاهتمام من بعض الوزارات ومشاركة جهات لم تكن تقوم بدورها، إلا أن الموضوع لن يحل لأن المشكلة يتم التعامل معها بالطريقة نفسها التي بدأت بها. وننوه بأن مشكلة المربين لا تنحصر في الوضع العام الذي تعاني منه كل الأسواق والمتمثل في قلة الطلب، وإنما هناك مشكلات حقيقية تهدد المربين، يمكن حلها إذا شخصت بشكل صحيح ووجدت كفاءات مخلصة تفحص المشكلات ببعد فني وإداري وأمني واجتماعي، عندها سيقتنعون أن مشكلتهم ليست بيد وزارة واحدة فقط. باختصار، نتمنى أن يبقى إنتاج المواشي بيد أبنائنا ولا يلحق بالخضار التي تنتجها عمالة وافدة بالمبيدات ومحفزات النمو فلم تخف فينا إلاً ولا ذمة، ففئة المربين يمثلون التراث، ويجب الحفاظ على مصدر رزقهم، خصوصا أنها كفت نفسها وتعاني العمل في ظروف مناخية واجتماعية صعبة لتحافظ على مهنة أجدادنا، ويجب أن نتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا».

* مستشار زراعي

aballaj@trustsystems.me