-A +A
عبده خال
مسيرة الحياة قائمة على التفاؤل، وأي إحباط يمكن له أن يسقط أحلام وكفاءة جيل بأكمله.

ومع أن النصوص الدينية تنهانا عن (الطيرة) إلا أننا نمارس هذا الإحباط بإسراف مقيت.. ومع وجود أدوات تواصل لم يعد هناك من حائل بين الكلمة وصاحبها، فالكلمة المحبطة التي تخرج لا تعود بخير سواء حاول صاحبها نفيها أو رتقها أو تجميلها، فإذا كانت المقولة -في العهود السحيقة- يحملها الركبان إلى أقاصي الدنيا في أسابيع وشهور، فإن أي كلمة تقال الآن يتم تعميمها بضغطة زر.


و(ضغطة الزر) هذه كان لها ضحايا مختلفون، ويلاحظ أن وزراءنا هم الأكثر تورطا من خلال تصريحاتهم غير المتزنة التي تتحول خلال لحظات إلى مادة كلامية تنثر الإحباط على مساحات أوسع.. وخلال فترات متقاربة تنافس الوزراء في تطيير كلمات الإحباط في سماء البلد حتى لم يعد هناك من مواطن إلا وتسلم نصيبا وافرا من التشاؤم.

ولأن الوزير يفترض به الإلمام بما سيحدث كونه يمتلك نتائج الدراسات والتوصيات لما سوف يؤول إليه الأمر، فمن الواجب أن يكون حصيفا في تمرير المعلومة مهما كانت سيئة، فالسوء ليس في الخبر وإنما في طريقة نشره... ولذلك قيل (الملافظ سعد).

وهناك عشرات القصص التي توصي باختيار المفردة الأقل ضررا على النفس، ومن تلك القصص أن سلطانا من سلاطين الزمان رأى في ما يرى النائم سقوط جميع أسنانه إلا سنا واحدة، فأخذ يسرد حلمه على وزرائه منفردين، وجميعهم قالوا له: سوف يموتون جميع أهل بيتك وستبقى أنت.. وبسبب هذا التفسير غضب غضبا شديدا وأمر بقتلهم جميعا، وبقي من وزرائه وزير ذو حنكة ولطف في القول، فجاء به وسرد عليه حلمه قائلا: رأيت فيما يرى النائم سقوط جميع أسناني وبقيت لي سن واحدة فما تفسيرك لهذا الحلم، فانبرى الوزير الحكيم قائلا:

- يا سلطان الزمان والعصر والأوان أبشرك أنك سوف تكون أطول عمرا بين جميع أهلك.

فاستحسن السلطان ذلك التفسير ورفعه مكانا عليا.

لذا ليت وزراءنا يتعلمون جمال وروعة المثل العربي: الملافظ سعد بدل من أن (يغثونا) يوميا بتصريحات تذهب بالطمأنينة إلى مكان غير آمن.

Abdookhal2@yahoo.com