-A +A
حمود أبو طالب
هل هناك احتمال بنهاية هذا العالم وفناء الكائنات الحية وتدمير كوكبنا البائس الذي ملأه الإنسان بالشرور والحماقات القاتلة. هذا السؤال قد يبدو مبالغا في التشاؤم، لكن أين هي مصادر التفاؤل التي تمد الإنسان بشيء من الأمل، في خضم المفاجآت التي أصبحت تتوالى بسرعة تصعب ملاحقتها، وتحمل الأسوأ معها كل يوم.

تبدو الأمور مخيفة بالفعل هذه الفترة لأن التوتر يسود العالم، وشبح المواجهات الكارثية قد يكون احتمالا ممكنا، طالما يوجد انفعاليون وحمقى يسيّرون شؤون العالم ويقررون ما يشاؤون. الرئيس دونالد ترمب قرر إخراج شيطان الموت المسمى «أم القنابل» من مخبئه وإطلاقه في أفغانستان لتجربة قدرته على التدمير باستخدام عينة بشرية نخرها بؤس الحياة لتموت أيضاً بأكثر الوسائل بؤساً. أم القنابل تمثل تدشينا لمرحلة جديدة من محاولات فتك الإنسان بجنسه البشري؛ لأنها الأشد فتكا في صنف القنابل التقليدية منذ اختراع القنبلة. موت زعاف يزن أكثر من عشرة أطنان، وحين يهبط على الأرض ينتشر في مساحة واسعة ليبيد كل ما عليها.


وتهون أم القنابل أمام ما قد يحدث إزاء توتر عالمي شديد، تسبب فيه الفتى السمين المعتوه الذي يحكم كوريا الشمالية، ويدير لعبة الموت فيها بطريقة سادية بشعة، تطال كل من يشك فيه ولا تستثني أحداً. هذا الفتى المغرم بتجرع كميات كبيرة من النبيذ كل يوم، لم يعد يبالي بشيء، ولم يؤثر فيه التعليم الذي تلقاه في سويسرا، نموذج السلم والتعايش واحترام الحياة. بدأ قبل أيام تدشين تجارب نووية استنفر بسببها بلده التعيس، وجعل سكانه يعيشون مرحلة الاستعداد لاحتمال الموت الجمعي، وفي الجانب الآخر استثار توتر واستعداد وترقب القوى الكبرى التي تعيش حربا سياسية بينها، قد يحولها إلى صدام مباشر أبسط سبب، في ظل حالة الاحتقان الشديد. تحركت الأساطيل الأمريكية باتجاه شبه الجزيرة الكورية، وروسيا تراقب وتستعد، والتنين الصيني يجول بعينيه في كل الاتجاهات ويتأهب بطريقته الخاصة، والدول التي تدور في فلك كل واحدة من تلك القوى تستعد أيضا للانضمام إلى قطبها في حالة المواجهة.

هذا الوضع الخطير لا يمكن اعتباره ضمن سياق الحرب الباردة؛ لأنه يقوم الآن على أرضية ملتهبة وتوترات شديدة وحسابات معقدة للأزمات القائمة في ساحات التصفيات بين القوى المتصارعة على النفوذ، وفي لحظة حماقة شديدة قد تتفجر الأوضاع وتخرج أسلحة الفناء الحقيقي التي باستطاعتها في لحظات أن ترفع لوحة على كوكبنا المدمَّر تقول: كان يا ما كان، يوجد هنا بشر.